ومثال ذلك أيضا اختلافهم في (من) الواردة في قوله تعالى (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) قيل إنها تفيد التبعيض؛ لأن حواء خلقت من بعض آدم عليه السلام وقيل إنها بيانية لأن حواء خلقت من جنس آدم، وخلقها الله من جنسه لتتحقق الألفة والوئام والمودة، والانسجام؛ لأن الجنس إلي الجنس أميل.
ومن ذلك أيضا اختلافهم في تفسير قوله تعإلى ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ﴾ - الأنفال : ٥
حيث وقع الاختلاف حول الكاف في قوله تعإلى( كما أخرجك ربك من بيتك) وفي ذلك يقول الألوسي :"والكاف يستدعي مشبها وهو غير مصرح به في هذه الآية وفيه خفاء، ومن هنا اختلفوا في بيانه وكذا في إعرابه علي وجوه، فاختار بعضهم أنه خبر مبتدأ محذوف هو المشبه، أي حالهم هذه في كراهة ماوقع في أمر الأنفال كحال إخراجك من بيتك في كراهتهم له، وإلى هذا يشير كلام الفراء حيث قال : الكاف شبهت هذه القصة التي هي إخراجه صلي الله عليه وسلم من بيته بالقصة المتقدمة التي هي سؤالهم عن الأنفال وكراهتهم لما وقع فيها مع أنه أولى بحالهم، أو أنه صفة مصدر الفعل المقدر في (لله وللرسول ) أي الأنفال ثبتت لله تعالى وللرسول عليه الصلاة والسلام مع كراهتهم، ثباتا كثبات إخراجك وضعف هذا ابن الشجري ٠٠٠وقال أبو حيان خطر لي في المنام أن هنا محذوفا وهو نصرك، والكاف فيها معنى التعليل أي لأجل أن خرجت لإعزاز دين الله تعالى نصرك وأمدك بالملائكة ودل على هذا المحذوف قوله سبحانه وتعالى (إذ تستغيثون ربكم ) ٠٠٠٠٠٠٠٠
ولو قيل إن هذا مرتبط بقوله تعالى (رزق كريم ) على معنى رزق حسن كحسن إخراجك من بيتك : لم يبعد " (١)
الاختلاف في أوجه الإعراب
وهذا أيضا من أسباب اختلافهم