من الدهر، ونشأ فيهم شعراء مطبوعون، ليس لهم قرائح الأولين من شعراء الجاهلية والمخضرمين، فاعتادوا المسألة، وجعلوها صناعة، فلما طال ذلك ملّهم الناس، وبرزت العطايا، وصار الشعر ضعيفا هزلا، بعد أن كان حكما فصلا، فبقي النفع بالديوان الأول، والاحتجاج به على الكلام المختلف فيه، والقول المتنازع في تأويله، ولولا ما بالناس من الحاجة إلى تعليم اللغة، والاستعانة بالشعر على غريب القرآن، وغريب الحديث ؛ لبطل الشعر وانقرض ذكر الشعراء، ولعفا الدهر على آثارهم، ولم يحتج أحد ممن شاهد التنزيل، وسمع ألفاظ الرسول إلى ذلك ؛ لأنهم قوم عرب مطبوعون على الفصاحة، ومعرفة اللغة، واحتاج إليه مَن بعدهم ؛ لأن الإسلام انتشر، واختلطت اللغات، قال الزهري (١) : إنما أخطأ الناس في كثير من تأويل القرآن لجهلهم بلغة العرب ٠