من الدهر، ونشأ فيهم شعراء مطبوعون، ليس لهم قرائح الأولين من شعراء الجاهلية والمخضرمين، فاعتادوا المسألة، وجعلوها صناعة، فلما طال ذلك ملّهم الناس، وبرزت العطايا، وصار الشعر ضعيفا هزلا، بعد أن كان حكما فصلا، فبقي النفع بالديوان الأول، والاحتجاج به على الكلام المختلف فيه، والقول المتنازع في تأويله، ولولا ما بالناس من الحاجة إلى تعليم اللغة، والاستعانة بالشعر على غريب القرآن، وغريب الحديث ؛ لبطل الشعر وانقرض ذكر الشعراء، ولعفا الدهر على آثارهم، ولم يحتج أحد ممن شاهد التنزيل، وسمع ألفاظ الرسول إلى ذلك ؛ لأنهم قوم عرب مطبوعون على الفصاحة، ومعرفة اللغة، واحتاج إليه مَن بعدهم ؛ لأن الإسلام انتشر، واختلطت اللغات، قال الزهري (١) : إنما أخطأ الناس في كثير من تأويل القرآن لجهلهم بلغة العرب ٠

(١) أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة الزهري أحد الفقهاء والمحدثين، والأعلام التابعين بالمدينة، رأى عشرة من الصحابة رضوان الله عليهم، وروى عنه جماعة من الأئمة: منهم مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري. ، توفي ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، وقيل ثلاث وعشرين، وقيل خمس وعشرين ومائة، وهو ابن اثنتين - وقيل ثلاث - وسبعين سنة، وقيل مولده سنة إحدى وخمسين للهجرة، والزهري: بضم الزاي وسكون الهاء وبعدها راء، هذه النسبة إلى زهرة ابن كلاب بن مرة، وهي قبيلة كبيرة من قريش ٠ وفيات الأعيان ٤/ ١٧٧ ـ ١٧٩


الصفحة التالية
Icon