يقول : تقطع ما قدرت، وتتم ما ابتدأت، وبعض القوم يقدر ولا يقطع، ويبتدئ ولا يتمم، وإنما سمّى نفسه تبارك وتعالى خالقا لأنه قدَّر الأشياء كلها، ثم أمضاها، فهو الخالق في ابتدائه الخلق، الخلاّق في تتميمه إياه إلى آخر الدهر بعلم وحكمة وصلاح / والخالق هو المُقدِّر بعلم، يقال : خلق إذا قدّره بعلم ومعرفة ١٧أ وخرقه إذا قدّره بغير علم ولا معرفة، وقيل لمن لا يحسن العمل أخرق، وللمرأة خرقاء، قال الله تعالى :[ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ] (١) فسمى فعله خلقا إذ كان بعلم وحكمة، وسمى فعلهم خرقا إذ كان جهلا وفسادا ٠
وقال أبو عبيدة (٢) : خرقوا، اختلقوا الكذب، افتعلوه ٠ والقادر هو من قدّرتُ الشيء أقدِّره قدْرا، بجزم الدال، وقادر وقدير على وزن فاعل وفعيل، هو في معنى فاعل، يقال : قدَر الشيء وقدّره، فهو قادر، هذا في معنى التقدير، ويكون في معنى الغلبة والقهر والتمكن، ولا يجوز بالثقيل، بل يكون مخففا، ولا بطرح الصفة إذا أردت به معنى الغلبة، يقال : هو قادر عليه، وقدير عليه، قال الله :[ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ] (٣) ٠
البارئ : ومن صفاته البارئ، قال أهل اللغة : برأ الله الخلق أي خلقه، والبرية الخلق، والبارئ الخالق، وأكثر العرب لا يهمزونها، وهي فَعِيْلَة في معنى مفعولة، وقال آخرون : هو مأخوذ من بريت العود، وقال آخرون : هو من البَرى، وهو التراب، وجمع البرية البرايا، فخلق تعالى الخلق أولا فقدره، ثم براه أي سواه وعدّله، ويقال : بريتُ القلم أي نحتّه وسويته، وبرى القوس إذا نَحَتَها، فكأن الله برى الخلق، أي سواه على علم وحكمة، كما يبري الباري القوس على علم وحكمة ويسويها ٠

(١) الأنعام ١٠٠
(٢) مجاز القرآن ١/٢٠٣
(٣) الأحزاب ٢٧، الفتح ٢١


الصفحة التالية
Icon