يعني أمّن الطير في الجو من أن يُصطاد فهو مُؤَمِّنٌ لها إذا عاذت بالحرم، ويقال للعبد مؤمن، وهو هاهنا من التصديق، قال الله تعالى :[ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا ] (١) معناه وما أنت بمصدِّق لنا، فيقال للعبد : قد آمن بالله ورسله، أي صدّق الله وصدَّق رسوله، بما ألقى إليه من الوعد والوعيد، وإنما قيل للصدق مؤمن ؛ لأنه لما صدقه استسلم، وآمن من كان على مثل تصديقه، فيكون المؤمنون بعضهم في أمان بعض، من ذلك قول رسول الله عليه السلام :( المؤمن من أمن جاره بوائقَه ) (٢) ٠
المهيمن : ومن صفاته تعالى المهيمن، وقد اختُلف في المهيمن فقال قوم : هو الشاهد، وقال آخرون : الأمين، وقال آخرون : الرقيب، فسمّى نفسه عزّ وجلّ مهيمنا ؛ لأنه شهيد على كل نفس بما كسبت، لا يخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه شيء، وهو الرقيب عليهم، يعلم سرائرهم، ويُحصي أعمالهم، وهو الحافظ عليهم، الدافع عنهم، الأمين الذي لا يُنقِصهم من حسناتهم، ولا يَلِتْهم من أعمالهم شيئا، فتبارك الله المهيمن ٠
العزيز : ومن صفاته تعالى العزيز، والعزيز على وجوه، يقال : عزّ إذا امتنع فلم يقدر عليه، ومنه يقال للشيء إذا لم يوجد قد عزّ أي قلّ في أيدي الناس وامتنع من الوجود، فقيل : عزّ الله، وهو عزيز، ولزمه هذا الاسم على / الحقيقة إذ لم ١٩ أ

(١) يوسف ١٧
(٢) جاء في الأمالي الشجرية، ص ١٤٠/ الموسوعة الشعرية : إن الرجل لا يكون مؤمنا حتى يأمن جاره بوائقه يبيت وهو آمن من شره، إنما المؤمن الذي نفسه منه في عناء والناس منه في راحة ٠ وفي أساس البلاغة، والصحاح، وتاج العروس ( بوق ) : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه، وفي تهذيب اللغة ( باق ) : ليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه، وفي لسان العرب (أمن ) : لا يدخل الجنة من لا يؤمن جاره بوائقه ٠


الصفحة التالية
Icon