الأمر : قد جاء الأمر في كتاب الله، وفسره المفسرون على وجوه كثيرة، وبالأمر كوّن الله الأشياء كلها، فقال تعالى :[ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ] (١) وقال :[ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ] (٢) فبهذه الكلمة خلق الله الخلق كله، وهي أمره، فقالوا في تفسير قوله :[ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر ُ] إنّ الخلق القضاء، والأمر الدين، وفي قوله :[ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ ] (٣) دين الله، وقالوا في قوله :[ وَقَالَ الشَّيْطَانُ / لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ ] (٤) أي وجب العذاب، وقالوا في قوله : ٢٦ أ [ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ٍ] (٥) إنه القيامة، وقالوا : الأمر : القضاء في قوله :[ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ] (٦) فقد فسّروه على هذه الوجوه كلها، وإن اختلف اللفظ به، فإنه يرجع إلى معنى واحد، لأن هذه الأشياء كلها مُكوّنة بأمر الله، فسُمّيت أمرا، لأن الأمر سببها، وسبب الشيء يقوم مقام الشيء في لغة العرب، ويسمى باسمه كما قالوا للمطر سماء ؛ لأنه من السماء ينزل، ولأن السماء سبب للمطر، وأنشد (٧) :" من الوافر "
إِذا نَزَلَ السَحابُ بِأَرضِ قَومٍ رَعَيناهُ وَإِن كانوا غِضابا

(١) الأعراف ٥٤
(٢) يس ٨٢
(٣) التوبة ٤٨
(٤) إبراهيم ٢٢
(٥) النحل ١
(٦) السجدة ٥
(٧) هو مُعوِّد الحكماء : معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري. شاعر من أشراف العرب في الجاهلية، هو أخو (ملاعب الأسنة) عامر بن مالك وعم (لبيد بن ربيعة المتوفي سنة ٤١هـ ٦٦١م ) الشاعر. لقب بمعود الحكماء لقوله:
أعوِّد مثلها الحكماء بعدي إذا ما الأمر في الحدثان نابا
المفضليات، ص ٢٥٤/ الحاشية، خزانة الادب ٤/١٥٦، ٩/٥٥٥


الصفحة التالية
Icon