الشيطان : قال الله تعالى :[شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ] (١) فجعل الشياطين من الإنس كمثل شياطين الجن، فأما عند العامة فإن الشياطين هم الجن بأعيانهم، وكل عات متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان، ويقول العرب لكل منفرد بقوته وجلده، مستقل بنفسه، منهمك في أمره : شيطان، قال جرير :" من البسيط "
أيام (٢) يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا
كنّ يدعونه شيطانا ؛ لتفرده بأفعال الشياطين من الغزل وغيره، وانهماكه فيه، وتفرده بذلك، والشيطان تقديره فَيْعَال، والنون من نفس الكلمة، كأنه اشتق من شَطَنَ، أي : بَعُد، والشَّطَن البُعد، من ذلك : شطنت داره، أي بعدت، ونؤي شطون، وبئر شطون، أي بعيدة القعر، وفي الحديث :( كلُّ هوىً شاطِنٍ في النّار) (٣) فالشاطن البعيد من الحق، وقيل : إنما سمي شيطانا لأنه شطن عن أمر / ربه، والشَّطون : البعيد النازح، وقال أمية بن أبي الصلت :"من الخفيف"٣٢ب
...... أَيُّما شاطِنٌ عَصاهُ عَكاهُ ثُمَّ يُلقى في السِجنِ وَالأَغلالِ (٤)
فجاء به على فاعل من شطن أي بَعُد، فكأن شياطين الإنس والجن هم المستبدون بقوتهم، المنفردون بأنفسهم، المتباعدون عن الحق، المنتحون عن الطريق، لا ينقادون لأحد استعلاء وترفعا وإعجابا بأنفسهم، وقيل لكل صانع حاذق بصنعته : شيطان ؛ لأنه منفرد بعمله وحذقه، لا يُعطي القيادة أحدا في عمله، فمن كانت صفته هذه من الجن والإنس، فهو شيطان، وليس الشياطين جنس من الخلق على الانفراد مثل الجن والإنس، إنما لزم هذا الاسم كل من كانت صفته هذه من الثقلين ٠
(٢) في الديوان : أزمان يدعونني، ديوان جرير، ص٤٥٣
(٣) النهاية في غريب الحديث والأثر ( شطن )
(٤) ديوانه / الموسوعة الشعرية