وَبطلَان مَا زَعمه وَفَسَاد مَا قَالَه غير مَشْكُوك فِيهِ عِنْد من لَهُ أدنى فهم وَأَقل تَمْيِيز إِذْ كَانَ الْمُبين عَن الله عز وَجل قد أفْصح بالتوقيف بقوله (من قَرَأَ آيَة كَذَا وَكَذَا من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ وَمن قَرَأَ الثَّلَاث الْآيَات وَمن قَرَأَ الْعشْر إِلَى كَذَا وَمن قَرَأَ ثَلَاث مئة آيَة إِلَى خمس مئة آيَة إِلَى ألف آيَة) فِي أشباه ذَلِك مِمَّا قد مضى بأسانيده من قَوْله أَلا ترى أَنه غير مُمكن وَلَا جَائِز أَن يَقُول ذَلِك لأَصْحَابه الَّذين شهدوه وسمعوا ذَلِك مِنْهُ إِلَّا وَقد علمُوا للمقدار الَّذِي أَرَادَهُ وقصده واشار إِلَيْهِ وَعرفُوا ابتداءه وأقصاه ومنتهاه وَذَلِكَ بإعلامه إيَّاهُم عِنْد التَّلْقِين والتعليم بِرَأْس الْآيَة وَمَوْضِع الْخمس ومنتهى الْعشْر وَلَا سِيمَا أَن نزُول الْقُرْآن عَلَيْهِ كَانَ مفرقا خمْسا خمْسا وَآيَة وآيتين وَثَلَاثًا وأربعا وَأكْثر من ذَلِك على مَا فرط قبل وَقد أفْصح الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم بالتوقيف بقَوْلهمْ إِن رَسُول الله كَانَ يعلمهُمْ الْعشْر فَلَا يجاوزونها إِلَى عشر أُخْرَى حَتَّى يتعلموا مَا فِيهَا من الْعَمَل وَجَائِز أَن يعلمهُمْ العشركاملا فِي فَور وَاحِد ومفرقا فِي أَوْقَات وَكَيف كَانَ ذَلِك فَعَنْهُ أخذُوا رُؤُوس الْآي آيَة آيَة
وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك وَلَا يكون غَيره بَطل مَا قَالَه من قدمْنَاهُ وَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ وَكَذَلِكَ القَوْل عندنَا فِي تأليف السُّور وتسميتها وترتيب آيها فِي الْكِتَابَة أَن ذَلِك تَوْقِيف من رَسُول الله وإعلام مِنْهُ بِهِ لتوفر مَجِيء الْأَخْبَار بذلك واقتضاء الْعَادة بِكَوْنِهِ كَذَلِك وتواطؤ الْجَمَاعَة واتفاق الْأمة عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق