والكتب المذكورة - سوى القرآن - لم يعد لها في صورتها المنزلة وجود، وغالبها جرى عليها التحريف والتبديل.
وإنما حفظ القرآن: لأن الله تكفل بحفظه، يقول تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩) ﴾ (الحجر: ٩).
وهذا الحفظ يقتضي استمرار التمسك بهذا القرآن والعمل به وتعظيمه.
واستشعار كل ذلك يمكن المسلم الحق من تذكر عظيم نعمة الله على الخلق إذ لم يتركهم هملاً، واستشعار حاجة الخلق إلى ربهم وإلى تشريعاته، وإنما لجأ البشر إلى التشريع لأنفسهم لما غابت عنهم هذه المعاني(٢٦).
رابعاً: الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام:
يوثق القرآن الكريم بين قارئه وبين أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام الصلة وخاصة الذين قص الله علينا فيه خبرهم، يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ (غافر: ٧٨).
ويخبرنا بما جرى بينهم وبين أقوامهم، وكيف صبروا على الأذى والعنت من أقوامهم في سبيل تبليغ دين الله.
ويحشد لهم الوقائع ليستعدوا للشهادة الكبرى، يقول تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ (البقرة: ١٤٣).
وكم يستبد بالإنسان الأسى والحزن وهو يرى شباب الأمة وفتياتها يعرفون أدق التفاصيل عن أصحاب التفاهات ثم يجهلون أسماء أنبياء الله ورسله، وبعض ما جرى بينهم وقومهم.
إن الله عندما خاطب نبيه محمد ﷺ وأمته من بعده ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ (الأنعام: ٩٠).


الصفحة التالية
Icon