-حسن الصلة بأهل التدبر والتأثر بالقرآن سواء كان في حلقات التحفيظ، أو في المدارس، أو حتى في البيوت.
فينبغي أن يكون من موازيننا فيمن نقرأ عليهم، إضافة إلى علو الإسناد، والضبط في التلاوة، حسن التدبر للقرآن والتخلق بأخلاقه، حينها ينتقل ولاشك إلينا ذلك الأثر الحسن، ونكون من المتدبرين للقرآن، المتأثرين به المتخلقين بأخلاقه.
ثالثاً: أسباب متعلقة بالسلوك الإيماني قبل التلاوة وأثناءها وبعدها:
والأصل في هذا القول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (لقد عشنا دهراً طويلاً وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها، ثم لقد رأيت رجالاً يؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره، ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه، ينثره نثر الدقل)(٧).
ولذلك فعلى مقدار التقوى والإيمان والإخلاص في قلب قارئ القرآن يكون انتفاعه وتأثره بالقرآن وتزيده تلك القراءة تقوى وإيماناً وإخلاصاً.
وفي مواضع عدة من القرآن الكريم بيّن الله أن الهداية بالقرآن والتأثر به إنما يكون للمتقين المؤمنين المسلمين...
قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ (البقرة: ٢). (فالمتقون هم الذين يجدون في كتاب الله الهدى والنور....)(٨).
(ولقد صرح في هذه الآية بأن هذا القرآن هدى للمتقين، ويفهم من مفهوم الآية:
-أعني مفهوم المخالفة - أن غير المتقين ليس هذا القرآن هدى لهم، وصرح بهذا المفهوم في آيات أخر كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾ (فصلت: ٤٤) (٩).
ويمكن أن يرد هنا سؤال كيف يكون القرآن هدى للمتقين وهم مهتدون أصلاً؟