قال تعالى :﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾(١). الوَجَل : شِدَّة الخوف، ومعناه ها هنا : أَن يُخْرِجَهم الوَجَلُ عن أوطان الغفلة، ويزعجهم عن مساكن الغيبة. فإذا انفصلوا عن أوْدية التفرقة وفاؤوا إلى مَشَاهِدِ الذكر نالوا السكون إلى الله عز وجل؛ فيزيدُهم ما يُتْلَى عليهم من آياته تصديقاً على تصديق، وتحقيقاً على تحقيق. فإذا طالعوا جلال قَدْرِهِ، وأيقنوا قصورَهم عن إدراكه، توكلوا عليه في إمدادهم بالرعاية في نهايتهم، كما استخلصهم بالعناية في بدايتهم.( (٢) ) ﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ أي : يفوّضون إليه أمورهم ويثقون به ولا يرجون غيره، ولا يخافون سواه.( (٣) )
وقال تعالى :﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾(٤). فإنهم إن يتوكلوا عليه، ولم يرجُوا النصر من عند غيره، ولم يخافوا شيئًا غيره، يكفهم أمورهم، وينصرهم على من بغاهم وكادهم.( (٥) )
وقال تعالى :﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾(٦) : إني على الله الذي هو مالكي ومالككم، والقيِّم على جميع خلقه، توكلت من أن تصيبوني، أنتم وغيركم من الخلق بسوء ؛ فإنه ليس من شيء يدب على الأرض، إلا والله مالكه، وهو في قبضته وسلطانه. ذليلٌ له خاضعٌ.( (٧) )

(١) سورة الأنفال : ٢.
(٢) تفسير القشيري
(٣) تفسير معالم التنزيل - البغوي
(٤) سورة التوبة : ٥١.
(٥) تفسير الطبري
(٦) سورة هود : ٥٦.
(٧) تفسير الطبري


الصفحة التالية
Icon