فتوجيه الطلاب إلى حلق تحفيظ القرآن الكريم، ينمي عندهم هذا الجانب وهو الاهتمام بالأمور العالية، مع عدم إغفال جانب الترفيه في حقّهم، فهم بحاجة إلى شيءٍ من اللهو البرئ الذي يجدد نشاطهم، ويعيد حيويتهم في هذه الحلق.
٨- تحصيل الحياة الطيبة :
الحياة الطيّبة المصاحبة للطمأنينة وراحة النفس، لا توجد بمعزلٍ عن كتاب الله تعالى، بل توجد في رياضه وتهب نسائمها من حِلَقه، خذ لنفسك وتأمل أين نزل القرآن، نزل في أمّة كانت ترزح تحت أعباء الجاهلية، قد اكتست من الجهل سربالاً، جعلت الواحد منهم يعبد الأصنام، ويسجد للأوثان التي يصنعها من التمر، ثم إذا جاع أكلها، وإذا كان في فلاة اختار أربع حجارة، وضع ثلاثًا منها لقدره، واتّخذ الرابعة إلهًا(١).
قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: (كنّا قومًا أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسبي الجوار، يأكل القوي منّا الضعيف) (٢).
ثم نزل عليهم القرآن فقلب حالهم، وغيّر حياتهم: (فكنا على ذلك؛ حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمر بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام... فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرّمنا ما حرّم علينا، وأحللنا ما أحل لنا) (٣).
فهذا الهُدى الذي أنزله الله تعالى من أخذ به، أكرمه الله تعالى بالحياة الطيّبة، ومن أعرض عنه شقي في الدنيا والآخرة.

(١) انظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٧٥).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٥/٢٩١)، وصححه ابن خزيمة (٤/١٣).
(٣) التخريج السابق.


الصفحة التالية
Icon