الفضيلة والأخلاق الحسنة التي يتحلّى بها من التحق بحلقات الذكر لتعلم كتاب الله تعالى ومدارسته أشبه ما تكون بجؤنة العطار، لا بد أن يضوع عطرها، ويجد أريجها كل من يتعامل مع صاحبها، وكذا المجتمعات تنتشر فيها الفضائل، وتعم الأخلاق الحسنة فيها لوجود حفظة كتاب الله تعالى، و بركتهم.
وذلك من خلال مجالسهم الطيّبة، واتّصافهم بصفات المؤمنين التي يحث عليها القرآن الكريم، أخلاق النبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال ﷺ :«مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك، وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إمّا تشتريه، أو تجد ريحَه. وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثة» (١).
قال النووي: (وفيه: فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع، ومن يغتاب الناس أو يكثر فجره وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة) (٢).
وقال: (وقد ندب أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين؛ ليكون ذلك مانعًا من تلبسه بشيء من النقائص احترامًا لهم، واستحياء منهم) (٣).
( د ) تنشئة جيل صالح :
جيل القرآن هم الذين نزل عليهم القرآن، يشاهدون تنزيله، ويرون تأويله، يلمسون أثره في حياتهم، فتنشئة الفتيان على القرآن بعثٌ لأولئك الذين مضوا، ولن يتربى الجيل المسلم بمثل ما تربى عليه الجيل الأول، ولن يأخذ بيدها مثل القرآن الذي أخرج أمّة من الأعراب، وجعلها سادة الدنيا.
قال مالك بن أنس: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلاّ ما أصلح أولها) (٤).
(٢) شرح صحيح مسلم للنووي (١٦/١٧٨).
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (١/١٥٨).
(٤) ذكره ابن عبد الهادي في تنقيح أحاديث التعليق (٢/٤٢٣).