وعن أُسيدِ بنِ الحضير ( - وكان من أحسنِ الناس صوتاً بالقرآن - قال : قرأت الليلة بسورةِ البقرة فلما انتهيت إلى آخرها - وفي رواية : بينما هو في مِربده، على ظهر بيته - وكانت ليلةً مقمرةً وفرسٌ لي مربوطٌ، ويحيي ابني مضطجعٌ قريباً مني وهو غلامٌ، فجالَتْ الفرسُ جَوْلَةً فظننتُ أن فرسي تُطلَقُ، فقمتُ ليس لي همٌّ إلا ابني يحيي فسكَنَتْ الفرسُ، ثم قرأتُ فجالتْ الفرسُ، فقمت ليس لي همٌّ إلا ابني، ثم قرأت فجالتْ الفرس، فخشيتُ أن تطأ يحيي فقمت إليها فلما اجترَّه رفعَ رأسَه إلى السماء فرفعت رأسي، فإذا مثلُ الظلةِ فوقَ رأسي، في مثلِ المصابيحِ، فيها أمثالُ السُّرُجِ، مقبِلٌ من السماء، عرَجَتْ في الجوِّ، حتى ما أراها، فهالني، فسكتُّ، فلما أصبحتُ غدوتُ إلى رسولِ الله ( فقلتُ : يا رسولَ الله، بينما أنا البارحةَ في جوفِ الليل أقرأُ في مِربدي ؛ إذ جالتْ فرسي، فأخبرتُه، فقال :" اقرأ أبا يحيي يا ابن حضير ( أبا عتيك ) أسيد، فقد أوتيتَ من مزاميرِ داود ". قلت : قد قرأتُ يا رسولَ الله فجالتْ الفرس، فقمت وليس لي همٌّ إلا ابني، فقال رسول الله ( :" اقرأ يا ابن حضير ( أبا عتيك ) أسيد "، قال : قد قرأتُ ثم جالتْ أيضاً، فقال رسول الله ( :" اقرأ يا ابنَ حضير "، قال : والله ما استطعتُ أن أمضيَ - فانصرفتُ، وكان يحيي قريباً منها، خشيتُ أن تطأَه - فرفعتُ رأسي، فإذا كهيئةِ الظُّلَّة، فيها مصابيحٌ ( أمثال السرج ) ( عَرَجت في الجو حتى ما أراها ) فهالني، فقال رسولُ الله ( :" ( تلك الملائكة دنَوا لصوتك ) ( نزلت لقراءة سورة البقرة )، ولو قرأت حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليها ( ما تستر منهم ) ( أما إنك لو مضيت لرأيت الأعاجيب ) ".
* استحقَّ صاحبَها أن يكونَ أميراً على من هو أكبرُ منه :