... رُوي عن حفص بن سليمان، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن، قال: عَرَضَ رسول الله صلى الله عليه على جبريل، في العام الذي قَبَضَه الله فيه/٢٢ظ/ مرتين، فقرأ زيد بن ثابت على رسول الله صلى الله عليه في العام الذي توفّاه الله فيه مرتين، و كان زيد يكتب لرسول الله صلى الله عليه الوحي، فَلَّمَّا قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه أجلس أبو بكر زيداً مع عُمَر فَكَتَب المصحف و اسْتَشَارَ الناس في اسْمِه، فسَمَّاهُ مُصْحَفاً، و كَتَب زيد الإمام الذي أجتمع عليه المُسلمون، فَلَّمَّا توُفي عُمر قَبَضَته حفصة زوج رسول الله صلى الله عليه، فأرسل اليها عثمان فأخذهُ مِنها فَنَسَخُوا ما فيه و طَرحُوا ما سِواه من القرآن في غير هذا المصحف فَمَحَوه، و قيل لزيد: أقْرِئ الناسَ، واجْلِسْ للناسِ، واصْبِرْ نَفْسَكَ على ذلك، قال: قد كَبُرَت سِنِّي، و أنا أُريد الغَزو لَعَّلَ الله يَرزُقُني الشهادة، فقال له عثمان و أصحاب رسول الله صلى الله عليه، ذلك خَيرٌ لك و أفْضَلُ من الغَزو، فقَعَدَ للناسِ و كان يُقْرِئهم الى أن مَاتَ كما في هذا المصحف؛ و لذلك نُسِبَت القِراءة اليه، فقِيل قراءة زيد، فزيد الذي رَضِي به كُتاب المُصحف أبو بكر و عمر و أصحاب رسول الله صلى الله عليه واقتدى بهم عثمان فوَلاّهُ نُسخه دون غيره باجماع الصحابة على تَصويِبِه، و كان ابن مسعود قد كَرِه أنْ وُلّي زيد نسخ القرآن في المصحف، و قد تَقَدَّم ذِكْرُه (١).
فصل
واعلموا -أسعدَكُم الله- أنَّ القرآن قد كان مَجمُوعاً على عهد رسول الله صلى الله عليه، فإنه ما نَزَلَتْ آية إلا و قد أمرَ رسول الله صلى لله عليه من كان يكتب له أنْ يَضَعَها في مَوضِعِ كذا من سورة كذا، مانَزَلت سورة إلا و قد أمرَ الكاتبُ أنْ يَضَعَها بِجَنْبِ سورة كذا (٢).
(٢) ينظر حول كتابة القرآن في حياة النبي - ﷺ - : رسم المصحف ٩٥-١٠٠.