الحمد لله الذي فطرنا على أحسن الفِطَر (١)، وهدانا لأرشد المِلَل (٢)، وكَرَّمَنا بالقرآن العربي، وشَرَّفَنا بالنبيِّ الأُمِيِّ نحمده على النِعَم الجليلة والمواهب الجَزيلة، حمداً يَزيدُ فلا يَبِيِدُ، ويتصل فلا ينفصل، ونشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لايموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق وصدق المرسلين، صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين، وعلى أزواجه امهات المؤمنين وعلى جميع الملائكة والأنبياء والمرسلين، وعلى عباد الله الصالحين وسلم تسليما. وبعد فقد طال عليّ إلحاحكم، معشر أصحابي، أسعدكم الله بمرضاته – باستدعاء كتاب في القرآءات يشتمل على عظم ما يحتاج اليه القاريء والمقريء، موضّحا مشروحا، فاجبتكم الى ذلك توخيا لصفوكم، والتماسا لمسارِّكم، ورغبة الى الله –عز وعلا-في صوالح أدعيتكم، على أن أُقْدِّمَ فيه قبل ذكر القرآءات أبوابا كثيرة، كلّ باب في صنف من العلم الذي لايستغني عنه طالب علم القراءة، وأذكر في آخر كل باب ما فيه من الفائدة للقارئ من غير أن أقول فيه برأي مثبتاً.
وسميتُ الكتابَ بالإيضاح في القراءات ليوافق أسمه معناه و أنا أرجو أن يكون كتابي هذا لمن ائتَمَّ به كافيا، ولمن أستغنى به عما سواه مغنيا، أسأل الله عزَّ اسمه إلهام الرأي لِما نَوَيْتُ والتوفيق لِما قَصَدْتُ ومنه جلّت عظمته أستمدُّ العصمة من السهو و الزلل، و الحفظ من الخَطا و المَسارِ الى الخطأ إنّه أجلّ من يُرْغَبُ إليه و يُسأل.
الباب الأول : في ذكر بعض ما جاء في فضائل القرآن وأهله وأخلاقهم ونعوتهم وصفاتهم وما يكره

(١) الفِطَر: جمع الفِطْرَة و هي ما فَطَر الله عليه الخَلَّق من المعرفة بِه. ينظر: لسان العرب، مادة (فطر) ٦/٣٦٢.
(٢) المِلَلْ: جمع المِلَّة و هي الشريعة و الدين. ينظر: لسان العرب مادة (ملل) ١٤/١٥٤.


الصفحة التالية
Icon