يَدُلُكَ على ذلك ما رُوِيَ عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن جده، قال: كُنتُ عند عمر بن الخطاب فسَمعَ رَجلا ً يقرأ من سورة يوسف (لَيَسْجُنَنَّهُ عَتَّى حِينٍ ) (١) ]يوسف ٣٥[، قال له عمر: مَنُ أقرأك هذهِ القراءةَ ؟ قال: أقرأني عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، فكَتَبَ عمرُ الى عبدِ اللهِ بن مسعود –رضي الله عنهما، أمّا بعدُ، فإنَّ الله أنزَلَ هذا القرآنَ فجَعَلَه قُرآناً عربياً وأنزَلهُ بلغة /١٠و/ الحيّ من قريش، فإذا جاءك كتابي هذا فأقرِئ الناسَ بلُغةِ قريش ولا تُقرِئهُم بلغة هُذيل، والسلام (٢). وممّا يَدُلُّ على أنَّ السبعةَ الأحرف هي سبعُ لغاتٍ متفقة المعنى مارُويَ عن ابن سيرين أنَّ ابن مسعود، قال: إقرؤا القُرآنَ على سبعةِ أحرف، وهي كقول أحدكم: هَلُمَّ وتَعَالَ وأقْبِلْ (٣)، وكان يقول: لو أعلمُ أحداً أعلم بالعُرضَةِ الأخيرة
مِنِّي تَنَالُهُ الإبل لرحلتُ إليه.
وروي عن الأعمش قال: قرأ أنس هذه الآية (هِيَّ أشَدُّ وَطْئاً و أصْوَبُ (٤) قِيِلاً ) (٥) ]المزمل ٦[، قال: فقيل له هي (أقْوَمُ )، فقال: إنَّ أضْرَبُ وأقْوَمُ و أهيأُ سَواء (٦).
وقال بعض العلماء: معنى السبعة الأحرف أنها لغة سبع قبائل من العرب: قريش وقيس وتميم و هذيل وأسد و خزاعة و كنانة، لمجاورتهم قريشا (٧).

(١) ينظر: المحتسب ١/٣٤٣، البحر المحيط ٥/٣٠٧.
(٢) ينظر: المرشد الوجيز ١٠١، فتح الباري ١٠/٤٠٢.
(٣) مقدمة كتاب المباني ٢٢٩.
(٤) في الأصل (و اضرب) و الصواب ما أثبتناه.
(٥) الكشاف ٤/١٧٦، الجامع لأحكام القرآن ١٩/٤١.
(٦) تفسير الطبري ١/٢٢، المحتسب ٢/٣٣٦، مقدمة ابن عطية ٢٦٧، ٢٧١.
(٧) ينظر: كتاب الهجاء ٣ظ، فضائل القرآن لأبي عبيد ٢/١٧٠، غريب الحديث له ٣/١٥٠، مقدمة ابن عطية ٢٦٧، ألف باء البلوي ١/٢١٠، المرشد الوجيز ٩١.


الصفحة التالية
Icon