مثال ذلك أن قارئاً قرأ: ( إنّ مَثَلَ عِيِسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ) ]آل عمران ٥٩[، فغلط الى أنْ يقول بَدَل عند الله (عبدُ الله) بالباء، فإن ذلك و إنْ لم يكن مما قُرِئَ به ولا يجوزُ أنْ يتعمده فليس بالذي يقطع صلاته أو يُلزِمه إثماً لأنَّه مما قد حققّ الله معناه في آية اخرى قوله: ( لَنْ يَستَنكِفَ المَسِيحُ أن يَكُونَ عَبداً للهِ ) ]النساء ١٧٢[، ولأنّ الله قد انزل مثل هذا الإختلاف في قوله: (و جَعَلُوا المَلائِكَةَ الذِينَ هُم عِبادُ الرَحمَنِ إنَاثَاً ) و (الذِيِن هُم عِنْدَ الرَحمَنِ ) (١) ]الزخرف١٩[ فانهما قد قُرِئا جميعاً. و كذلك لو غَلَطَ في قوله: (مَلِكِ النَاسِ ) ]الناس٢[ الى أن يقرأ (مالك الناس) فإنَّ ذلك و إنْ كان ممّا لا يجوز التعمُدُ به فهو من نحو الاختلاف الذي قد نَزَل به القرآنُ في قوله: (مَلِكِ يَوُمِ الدِيِنِ ) (٢) و (مَالِكِ يَومِ الدِينِ ) ]الفاتحة٣[ جميعا، و قد ذُكِرَ أنّ الاخفش شكَّ في قوله: ( فاستَغَاثَهُ الذِي مِنْ شِيعَتِهِ ) ]القصص١٥[ أنَّه فأستغاثه بالثاء أو (فاسْتَعانَهُ) (٣) بالنون.
وهذا الضرب من الزلل لا يَقطع الصلاة ولا يلزم مَنْ زَلَّ اليه شِدَّة التَحَرج والتأثّم، لو زَلَّ في قوله: ( إنّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ ) ]آل عمران ٥٩[ الى أنْ يقول: عيسى ابن الله و قال: عَدُوَّ الله حَاشا له وتعالى الله عن ذلك، فإنّ عليه أن يَفزَعَ الى الاستغفار وأفسد ذلك صلاته، وكذلك لو غلط في قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِينِ ) ]الفاتحة٣[ فقال: هالك، ونحو ذلك من الخطأ الفاحش الذي لم يَجُز أنْ يصحَّ له معنى، وكذلك لو جرى على لسانه في تضاعيف ما يقرأ القرآن قول لبيد:
(٢) ينظر ص ٦٢.
(٣) و هي قراءة الحسن. ينظر: الكشاف /١٦٩، البحر المحيط ٧/١٠٩، اتحاف فضلاء البشر ٣٤١.