هل نحمله بما تمليه علينا أنفسنا ونجعله لزاماً على كل مَن يقرأ القرآن، ومن أين لنا الدليل على هذا التفريق بين القارئ وغير القارئ، فالأولى لنا أن نحمل كلامه ومراده مع ما يتوافق مع علماء الأمة ومع ما يدل عليه الدليل الجلي، من أنه حتم ولازم ويأثم بالتقصير فيه من تصدى لتعلمه، وصار بحقه فرض عين؛ لقيامه بمسؤولية حفظ هذا العلم ونشره بين المسلمين، كما سبق الكلام، وهو ما يتوافق مع الأدلة التي سقناها فيما مر.
الثاني: إن الجزري(١) تعرض لمسألة الإثم في قراءة القرآن، وحملها على من لا يصحح ألفاظ القرآن، ويقرأها قراءة عربية فصيحة، لا على من يرتله ويجوده، فقال: ((ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بمعاني القرآن وإقامة حدوده، متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها. والناس في ذلك بين محسن مأجور ومسيءٍ آثم أو معذور، فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربي الفصيح، وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح استغناءً بنفسه واستبداداً برأيه وحدسه واتكالاً على ما ألف من حفظه واستكباراً عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظة، فإنه مقصر بلا شك وآثم … أما من كان لا يطاوعه لسانه، أو لا يجد من يهديه إلى الصواب بيانه، فإنه الله لا يكلف نفساً إلا وسعها….
الثالث: أنه اختلف في اللفظ الوارد عن الجزري هل هو من لم يجود أم من لم يصحح، ويرجح لفظ: من لم يصحح لوجوه:
أولاً: أنه قد نبه الشراح للـ((مقدمة الجزرية)) كشيخ الإسلام زكريا الأنصاري(٢)، والإمام علي القاري(٣) على أنه في نسخة صحيحة: يصحح.
(٢) في ((الدقائق المحكمة))(ص٨٩).
(٣) في ((المنح الفكرية)) (ص١٩).