الثالث: أنه ليس كل أمر يفيد الوجوب، بل قد يفيد غيرها من المعان كالاستحباب، مثل: ﴿ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ﴾ (١)، والإرشاد، مثل: ﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُم ﴾ (٢)، والتأديب، مثل: ﴿ وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ (٣)، والإباحة، مثل: ﴿ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَات ﴾ (٤)، وغيرها من المعاني: كالوعد والوعيد والامتنان والإنذار والإكرام والسخرية والتكوين والتعجيز والتسوية بين شيئين والاحتياط والدعاء والمسألة والالتماس والتمني والاحتقار والاعتبار والتنبيه والتحسير والتلهيف والتعبير والخبر والتحكيم والتفويض والتعجب والمشورة وقرب المنزلة والإهانة والتحذير والإخبار عما يؤول إليه أمرهم وإرادة الأمثال وإرادة الامتثال لأمر آخر(٥).
وقد وجدنا أئمة الفقهاء والعلماء الكبار حملوها من بين هذه المعاني العديدة على الاستحباب والسنية.
(٢) الطلاق: ٢.
(٣) البقرة: ٢٣٧.
(٤) المؤمنون: ٥١.
(٥) وزيادة التفصيل في ((البحر المحيط))(٢: ٣٥٧-٣٦٣)، و((الأحكام)) للآمدي(١: ١٣٢)، و((منهاج الأصول))(٢: ٢٤٥)، و((الوجيز))(١٣٩-١٤٢)، و((جمع الجوامع))(١: ٣٧٢)، و((مفتاح الوصول إلى علم الأصول))(١: ٢٧٦)، و((إرشاد الفحول))(ص٩٧)، و((مفتاح الأصول إلى بناء الفروع على الأصول))(٢١-٢٢)، و((النهي وأثره في الفقه))(ص٢)، و((تقريب الوصول إلى علم الأصول))(ص٨٣)، و((شرح البدخشي))(٢: ١٩-١٩)، و((ميزان الأصول))(١: ٢٠٦)، و((أصول الفقه)) للزحيلي(١: ٢٢٠)، و((أصول الفقه)) للخضري (ص١٩٥).