. ومنها التفخيم، والإعظام لما فيه من الإبهام، قال حازم في منهاج البلغاء : إنما يحسن الحذف لقوة الدلالة عليه، أو يقصد به تعديد أشياء، فيكون في تعدادها طول وسآمة فيحذف، ويكتفي بدلالة الحال، وتترك النفس تجول في الأشياء المكتفي بالحال عن ذكرها، قال : ولهذا القصد يؤثر في المواضع التي يراد بها التعجب، والتهويل على النفوس.
ومنه قوله في وصف أهل الجنة :( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ) فحذف الجواب إذ كان وصف ما يجدونه، ويلقونه عند ذلك لا يتناهى، فجعل الحذف دليلا على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه، وتركت النفوس تقدر ما شاءته، ولا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك.
وكذا قوله :( ولو ترى إذ وقفوا على النار) أي لرأيت أمرا فظيعا لا تكاد تحيط به العبارة.
ومنها التخفيف لكثرة دورانه في الكلام، كما في حذف حرف النداء، نحو :( يوسف أعرض) ونون ( لم يك ) والجمع السالم، ومنه قراءة ( والمقيمي الصلاة ) وياء ( والليل إذا يسر).
وسأل المؤرج السدوسي الأخفش، عن هذه الآية، فقال : عادة العرب أنها إذا عدلت بالشيء عن معناه نقصت حروفه، والليل لما كان لا يسرى، وإنما يسرى فيه، نقص منه حرف، كما قال تعالى :( وما كانت أمك بغيا ) الأصل بغية، فلما حول عن فاعل نقص منه حرف.
ومنها : كونه لا يصلح إلاّ له نحو ( عالم الغيب والشهادة )، ( فعال لما يريد).
ومنها : شهرته حتى يكون ذكره وعدمه سواء، قال الزمخشري : وهو نوع من دلالة الحال التي لسانها أنطق من لسان المقال، وحمل عليه قراءة حمزة :( تساءلون به والأرحام ) لأن هذا مكان شهر بتكرر الجار، فقامت الشهرة مقام الذكر.