وقال الشيخ الزرقاني رحمه الله: فمن فسّر برأيه أي باجتهاده ملتزماً الوقوف عند هذه المآخذ معتمداً عليها فيما يرى من معاني كتاب الله، كان تفسيره سائغاً جائزاً محموداً، ومن حاد عن هذه الأصول وفسّر القرآن غير معتمد عليها، كان تفسيره ساقطاً مرذولاً مذموماً غير جائز. اهـ(١)
وخلاصة الكلام هنا أن يقال: التفسير بالرأي قسمان:
الأول: تفسير محمود، وهو ما التزم فيه صاحبه بالأمور الأربعة.
الثاني: تفسير مذموم، وهو ما لم يلتزم فيه صاحبه بذلك، وكان لهوىً في النفس، وابتغاءً للفتنة، واتباعاً للمتشابه، ولياً للنصوص حتى توافق الرأي وإن كان باطلاً(٢).
هذا باختصار الحديث عن هذين النوعين من التفسير، ولم أنظر إلى مسائل أخرى متعلّقة بكلّ واحدٍ منهما من حيث الكتب المؤلَّفة فيهما، ومظاهر كلّ نوع، وشروط المفسّر الذي يحقّ له التفسير، إلى غير ذلك مما يعتبر ذكره هنا خروجاً عن البحث.
الفصل الأوَّل
التعريف بالداني ومنهجه في التفسير من خلال كتابه "المكتفى":
وفيه مبحثان:
المبحث الأوَّل: التعريف بالداني بإيجاز:
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأوَّل: اسمه وكنيته ولقبه ومولده:
هو: عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر، أبو عمرو، الأموي، الداني(٣).
مولده: ذكر عن نفسه أنَّ والده أخبره أنه ولد سنة ٣٧١هـ.
المطلب الثاني: نشأته وطلبه للعلم ووفاته:
نشأ في مسقط رأسه ((قرطبة)) وتلقّى أوَّل تعليمه فيها على يد شيوخها وعلمائها، حيث ذكر أنَّه ابتدأ في طلب العلم في أوَّل سنة ٣٨٦هـ، ثمّ رحل عنها إلى البلاد المجاورة لها طلباً للعلم.

(١) - مناهل العرفان: ١/٥١٨.
(٢) - انظر: تفسير القرطبي: ١/٣٣.
(٣) - نسبة إلى دانية بلدة في الأندلس.


الصفحة التالية
Icon