فمن الانحراف (أو الإفلاس) المنهجي أن يعتمد المستشرقون على مصادر ليست في مستوى البحث العلمي ولا هي أصلية في موضوع الدراسة مثل كتاب: ألف ليلة وليلة، كدليل على عدم وقوف الناس في العصور المتأخرة عند مجاميع القراءات السبع (أو العشر) المعتمدة – كما يقول غولد زيهر ويضيف(١): ((وورد على لسان الجارية الضليعة في العلم تودد، افتخارها بأنها تستطيع أن تقرأ القرآن بالقراءات السبع والأربع عشرة)). ولا يصلح كتاب: ألف ليلة وليلة أيضاً دليلاً اعتمد عليه غولد زيهر في تفضيل بعض الأقاليم قراءة ما من السبع، كما فعل(٢).
ومن جانب آخر: يتعمد(٣) المستشرقون إساءة فهم النصوص الأصلية في الموضوع، أو يشتبهون فيها بشبهة ما، فيؤسسون عليها حكماً أو يوردونها في غير مواردها، فيحملونها ما لا تحتمل، ثم يوجهونها إلى غير دلالاتها، أو إلى جانب منها يضخمونه هو لغرض ما. ((وآفة المستشرقين أنهم يسوقون مجرد الاحتمالات العقلية مساق الحقائق المسلَّمة))(٤)، وهذا - كله - هو الغالب على منهجهم فيما يتعلق بالأحرف السبعة والقراءات القرآنية.
وقد عرض د. عبد الوهاب حمودة(٥) مثالاً مجملاً من ذلك فقال عن غولدزيهر:
(٢) المرجع السابق، ص ٥٧.
(٣) انظر: تاريخ القرآن، د. عبد الصبور شاهين، ص ٢١٦.
(٤) المرجع السابق، ص ٦.
(٥) في اللهجات والقراءات: ١٨٢-١٨٤ باختصار.