ثم لا سبيل لأحد من المسلمين – لإيمانه المطلق بالقرآن – إلى التدخل في نصه بزعم ما، ولا أن يدور بخلده احتياج هذا النص المقدس إلى أي تدخل فيه، حتى من النبي– الموحى إليه به – صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله(١): ((فلو كان قصد عثمان توحيد النص القرآني لكتبت المصاحف بصورة واحدة، ولم يكن بينها اختلاف ما، فكتابتها على هذه الصورة المختلفة، والكيفيات المتعددة دليل واضح على أن عثمان لم يعمد إلى توحيد النص، وإنما عمد إلى حمل الناس على ما ثبت من القراءات بطريق التواتر دون ما لم يكن كذلك)).
وعلى ذات الطريقة الاستشراقية يقدم غولد زيهر(٢) تفسيرات – تقوم في نفسه – للقراءات (المخالفة للنص المتلقى بالقبول) ويسميها بواعث، أو ملاحظات موضوعية ونحوها، تقوم على تحليل القراءة ببيان مدلولها فقد (تبدو غير لائقة أو غير متفقة مع وجهة النظر إلى وجوب تعظيم الله ورسوله) – كما يقول - مثلاً فتغير بتغيير لفظي يسير في النص إلى ما يليق، ويسمى غولد زيهر هذا التدخل بالتغييرات التنْزيهية ويمثل له، في تخبط يجعل المترجم يصفه معلقا بحاشية الصفحة(٣) قائلاً: ((إن هو إلا خيال صبياني لا يحيك إلا في نفس غولد زيهر وأمثاله)).
وقد ساق هذا المستشرق – من نفسه أيضاً- باعث التغييرات التنْزيهية على القراءات المتواترة أيضاً، فادعى(٤) أنه دفع إلى تغيير بسيط في حركات بعض الحروف ليحل ضمير المخاطب محل ضمير المتكلم في قول الله تعالى: ژ؟ ؟ ؟ ژ [الصافات: ١٢]، وأيضاً ليبني الفعل المضارع (يغل) في آية ١٦١ من سورة آل عمران من المعلوم إلى المجهول، وغير ذلك من قراءات متواترة يطعن فيها بالأحرى قبل غيرها.
(٢) مذاهب التفسير الإسلامي، ص ٣١-٣٣.
(٣) المرجع السابق، ص ٣٢.
(٤) المرجع السابق، ص ٣٣-٣٥.