تَعَالَى ﴿كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك﴾ ليعلموا بذلك أَنه يدلهم على النجَاة وينالون باتباعه الزلفى والكرامة وَهُوَ أحسن الحَدِيث تَصْدِيقًا لقَوْله تَعَالَى ﴿الله نزل أحسن الحَدِيث كتابا متشابها مثاني تقشعر مِنْهُ جُلُود الَّذين يَخْشونَ رَبهم﴾ فَأخْبرهُم أَنه لَا حَدِيث يُشبههُ فِي حسنه وَأخْبر أَنه متشابه غير مُخْتَلف فِيهِ وَسَماهُ بِأَحْسَن الْأَسْمَاء فَقَالَ ﴿لكتاب عَزِيز﴾
وَقَالَ أَن مَا قبله من الْكتب مُصدق لَهُ وَشَاهد وَأخْبر أَنه مَحْفُوظ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه فَهُوَ نور اللَّيْل المظلم وضياء النَّهَار وَيجب الْعَمَل بِهِ على مَا كَانَ من جهد وفاقة
ب فَضَائِل الْقُرَّاء
أما الَّذين يَتلون الْقُرْآن ويتدبرونه فهم أَوْلِيَاء الله الَّذين نعتهم بقوله ﴿تقشعر مِنْهُ جُلُود﴾ وتبكي أَعينهم وتطمئن قُلُوبهم إِلَى ذكر الله عز وَجل وَقد ضمن الله لهَؤُلَاء أَن من اتبع مِنْهُم مَا فِي كِتَابه من الْهدى الْإِجَارَة من الضَّلَالَة فِي الدُّنْيَا والسعادة فِي الْآخِرَة والنجاة من الشَّقَاء قَالَ الله عز وَجل ﴿فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى﴾
ثمَّ روى أَحَادِيث كَثِيرَة فِي فضل حاملي الْقُرْآن وقراءته فَلَو ذاب أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض حِين يسمعُونَ كَلَام الله عز وَجل أَو مَاتُوا خمودا أَجْمَعُونَ لَكَانَ ذَلِك حق لَهُم وَلما كَانَ ذَلِك كثيرا إِذْ تكلم الله عز وَجل بِهِ تكليما من نَفسه من فَوق عَرْشه من فَوق سبع سمواته وَإِذا كَانَ كَلَام الْعَالم أولى بالاستماع من كَلَام الْجَاهِل وَكَلَام الوالدة الرؤوم أَحَق بالاستماع من كَلَام غَيرهَا وَالله أعلم الْعلمَاء وأرحم الرُّحَمَاء فَكَلَامه أولى كَلَام بالاستماع والتدبر والفهم فَإِذا اجْتمع هم الْقُرَّاء وَحضر زكتْ أذهانهم وَإِذا زكتْ قويت على طلب الْفَهم واستبانت الْيَقِين وصفت للذّكر