على أني تركت التفصيل في علاقة علم المتشابه اللفظي في القرآن ؛ بالعلم العام المسمّى بعلوم القرآن ؛ لظهور الأمر في ذلك، وللإلماحة إليه في تصدير هذا المبحث.
* * *
المطلب الأول : علاقته بعلم القراءات
علم القراءات من أكثر علوم القرآن صلة بعلم المتشابه اللفظي – جمعاً وتوجيهاً -، هذه العلاقة التي يمكن إبرازها بالإشارات التالية :
أن نشأة علم المتشابه اللفظي – بشكلٍ مدوّن - كانت على أيدي القرّاء ؛ الذين أرادوا من هذا العلم أن يكون عوناً لمن يريد حفظ القرآن ؛ لئلاّ يقع في الخطأ بسبب وجود الآيات المتشابهة فيه، وقد سبقت الإشارة إلى طرف من ذلك في مبحث نشأة المتشابه في الفصل السابق (١). حتّى إن أقدم مؤلَّف وصلنا - حتى الآن - في المتشابه اللفظي هو كتاب (( متشابه القرآن )) للإمام الكسائي، أحد القرّاء السبعة المشهورين.
أن أبرز المصنّفين في المتشابه اللفظي – جمعاً وتوجيهاً – كانوا من أئمة القراءة في أزمانهم ؛ حتّى إنه قد صنّف فيه أربعة من القرّاء العشرة – إن صحّت النسبة إليهم جميعاً – وهم : حمزة بن حبيب الزيّات، ونافع بن عبد الرحمن المدني، وخلف بن هشام، والإمام الكسائي (٢).
ومن أبرز المصنفين في توجيه المتشابه : محمود بن حمزة الكرماني ؛ صاحب كتاب " البرهان في متشابه القرآن "، الذي كان يُلقّب بتاج القرّاء. وابن الزبير الغرناطي – شيخ أبي حيّان صاحب التفسير المشهور بالقراءات -.
(٢)... أما الكسائي فكتابه موجود مطبوع، وأما خلف بن هشام فذكر كتابه ابنُ المنادي، وأما حمزة ونافع فالعهدة في ذكر كتابيهما على ابن النديم. انظر : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص ٦١- ٦٢، الفهرست لابن النديم : ص ٣٩.