على أن الأقوال الخمسة التي ذكرها ابن جرير يمكن إدخال بعضها في بعض أيضاً ؛ فترجع إلى قول واحد جامع ؛ ذُكِرَتْ – تلك الأقوال عن السلف - على أنها تفسيرٌ له بالمثال، كما صرّح بذلك عدد من المفسّرين، منهم ابن عاشور(١) في قوله :" وقد اختلف علماء الإسلام في تعيين المقصود من المحكمات والمتشابهات على أقوال ؛ مرجعها إلى تعيين مقدار الوضوح والخفاء " (٢).
وكذلك الشوكاني(٣) في قوله :" والأولى أن يقال : إن المحكم هو الواضح المعنى الظاهر الدلالة؛ إما باعتبار نفسه أو باعتبار غيره، والمتشابه ما لا يتضح معناه أو لا تظهر دلالته لا باعتبار نفسه ولا باعتبار غيره. وإذا عرفت هذا عرفت أن هذا الاختلاف الذي قدمناه ليس كما ينبغي ؛ وذلك لأن أهل كلِّ قول عرّفوا المحكم ببعض صفاته، وعرّفوا المتشابه بما يقابلها " (٤).
(٢)... التحرير والتنوير : ٣/ ١٥٥، ١٥٦.
(٣)... هو : محمد بن علي الشوكاني، من علماء اليمن، صاحب التصانيف المشهورة، تولّى قضاء صنعاء، واشتهر بنبذ التقليد والدعوة للاجتهاد، توفي سنة ١٢٥٠ هـ من أشهر مؤلفاته : تفسيره " فتح القدير ". انظر: الأعلام للزركلي : ٦/ ٢٩٨.
(٤)... فتح القدير : ١/ ٣١٤. وانظر أيضاً في توجيه الأقوال والجمع بينها : أحكام القرآن للجصاص : ٢/ ٣، المحرر الوجيز لابن عطية : ٣/ ١٦، تفسير ابن جزي : ص ٧٤. وانظر أيضاً : مجموع فتاوى ابن تيمية : ١٣/ ٢٧٤، مناهل العرفان للزرقاني : ٢/ ٢٩١- ٢٩٧، متشابه القرآن دراسة موضوعية للدكتور: عدنان زرزور: ص ٢٠- ٢٧، معاني المحكم والمتشابه في القرآن الكريم للدكتور: أحمد فرحات : ص ٧٧ وما بعدها.