وهذه الأنواع التي سردها ابن المنادي دون تصنيف ولا ترتيب، مع ما يكتنف بعضها من الغموض في المراد به، وتوسّع في استعمال مصطلح التشابه (١) – ربما لسبق المؤلف استقرار المصطلحات – بحاجة إلى شيء من الترتيب وإعادة التسميات في بعضها لتكون أوضح. وقد رأيت أن خير ما يصلح أساساً لذلك هو اعتبار الحيثيّات التي تتنوع بحسبها، لئلا يحصل التداخل فيما بينها.
وهذه التنويعات " للمتشابه في القرآن " - بحسب اعتباراتها - كما يلي :
أولاً : أنواعه من حيث كونه وصفاً لجميع القرآن أو بعضه :
يتنوع التشابه – بهذا الاعتبار – إلى : تشابه عام، وتشابه خاص.
والمراد بهذين النوعين : ما بيّنه أبو بكر الجصاص(٢) – وهو أول من رأيته ذاكراً هذا التفصيل(٣)– في قوله: " قد بيّنا في صدر الكتاب معنى المحكم والمتشابه، وأن كل واحد منهما ينقسم إلى معنيين :
أحدهما : يصح وصف القرآن بجميعه.
والآخر : إنما يختص به بعض القرآن دون بعض.
(٢)... هو : أحمد بن علي، أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص، سكن بغداد، وانتهت إليه رئاسة الحنفية، وسئل العمل في القضاء فامتنع، توفي سنة ٣٧٠ هـ من أشهر مصنفاته :" أحكام القرآن ". انظر : السير للذهبي : ١٦/ ٣٤٠، طبقات المفسرين للداوودي : ص ٤٤.
(٣)... أما أصل معنى التشابه – بالنوعين المذكورين – فموجود في تفسير السلف للآيتين مما سبق نقله عنهم في المطلب الأول من هذا المبحث.