أقول: إن النسفي لاحظ معنى الإعلام الذي يدل عليه سياق الكلام ولكنه تمسك بالمعنى المعروف للرحمة فقال وأرسلناك للرحمة ولا داعي لهذه الإضافة لو فسرنا الرحمة هنا بمعنى العلم فيكون معنى العبارة ولكن علماً من ربك.
٢ _ معنى الإرادة
(وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)(القصص: من الآية٨٦)
قال النسفي : وما القي إليك الكتاب إلا رحمة من ربك. أو ( إلا ) بمعنى (لكن ) للاستدراك أي ولكن لرحمة من ربك القي إليك الكتاب.
أقول : صحيح أن (إلا) بمعنى (لكن) وهي للاستدراك و لكنها بمعنى إن إلقاء الكتاب والرسالة لم يكون بتوقع أو رغبة أو إرادة سابقة من النبي ولكنه حصل بإرادة الله عز وجل فالرحمة هنا بمعنى الإرادة والمشيئة.
٣ _ معنى القوة / القدرة
(فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)(هود: ٦٦)
أقول : إن الرحمة هنا بمعنى القوة والقدرة بقرينة قوله بعدها ( إن ربك هو القوي العزيز) ومثل ذلك قوله تعالى :(فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(الروم: ٥٠) فان الرحمة هنا أيضا بمعنى القوة والقدرة بقرينة ما بعدها.
٤ _ معنى العمل
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)(لأعراف: من الآية٥٧)
قال ابن كثير : بين يدي المطر
وقال السيوطي : قدام المطر
أقول : المعنى إذن انه عز وجل يرسل الرياح قبيل إنزال المطر وان تنزيل المطر عمل فالرحمة هنا بمعنى العمل
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(لأعراف: ٥٦)


الصفحة التالية
Icon