أقول : إن السياق يدل على أن النعمة هنا بمعنى القدرة الإلهية التي تجلت في تسخير هذه المخلوقات القوية الضخمة وتذليلها لخدمة الإنسان.
٤ _ معنى العمل
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ)(القلم: ٤٨-٤٩)
قال النسفي : لولا أن الله انعم عليه بإجابة دعائه وقبول عذره.
أقول إن إجابة الدعاء وإنقاذه من محنته يكون بعمل منه سبحانه وهذا العمل هو الذي تداركه وأنقذه فالنعمة هنا بمعنى العمل.
٥ _ معنى نظام المخلوقات
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)(لقمان: ٣١)
قال ابن كثير :(بنعمة الله ) أي بأمره أي بلطفه وتسخيره فانه لولا ما جعل في الماء من قوة يحمل بها السفن لما جرت.
وقال النسفي : أو بالريح لأن الريح من نعم الله.
أقول : إن ما لاحظه ابن كثير من خاصية الماء وما لاحظه النسفي من قوة الريح يشير إلى أن معنى النعمة هنا هو نظام المخلوقات أي الخواص والقوى والنظام الذي تعمل بموجبه المخلوقات. وذلك لا يمنع القول أن ذلك بأمر الله وإرادته ولكن هذا الأمر ليس مرئياً كما يشير أول الآية وإنما المرئي هو نظام المخلوقات أو ما يسمى قوانين الطبيعة المخلوقة.
٦ _ معنى نظام التشريع / الرسالة السماوية
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(البقرة: من الآية٢١١)
أقول : نعمة الله هنا بمعنى الرسالة السماوية.
(نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ)(القلم: ١-٢)
قال صاحب التنوير :( بنعمة ربك ) ملتبساً بنعمة الله التي هي النبوة والرسالة.


الصفحة التالية
Icon