حيث إنه ربما يشق على غير المتخصصين الرجوع إلى جميع المصادر المذكورة في هذا النوع من القراءات، وهي القراءات المتواترة التي عليها الاعتماد عند علماء العصر الحاضر، فإنه يمكن للباحث الرجوع إلى كتاب إتحاف فضلاء البشر للبنا الدمياطي ( ت ١١١٧ هـ ) فيما يرويه عن القراء العشرة، فإن هذا الكتاب قد اشتمل على المتواتر عن هؤلاء العشرة، لأنه تضمن النشر وطيبته وتقريبه وشروحها وما يدور في فلكها ( [٧٢]).
وهذا الكتاب بمثابة النثر للطيبة والتهذيب للنشر، وذلك أن ابن الجزري لم يذكر في طيبته مما أورده في النشر إلا ما كان معمولا به عند علماء الأداء، ولا يخفى ما في النشر من كثرة طرقه وتشعبها وما في الطيبة من صعوبة من جهة نظمها ورموزها، فالخلاصة أن إتحاف فضلاء البشر من أيسر مصادر هذا النوع وأحسنها عرضاً وترتيباً، وهو من الكتب الأساسية في الحكم على القراءات، ومعرفة ما يقرأ به منها، فهو كما قيل :" كل الصيد في جوف الفَرا "( [٧٣]).
أما المصادر التي تضمنت القراءات التي توفرت فيها شروط الصحة إلا أنه انقطع إسنادها من جهة المشافهة بها فهي كثيرة، ولا يقرأ بشيء منها الآن إلا فيما اتصل إسناده على وجه المشافهة مما تضمنته المصادر السابقة وعلى رأسها كتاب النشر في القراءات العشر الذي حوى زهاء سبعين مصدرا من أمهات كتب القراءات( [٧٤]).
وأشهر المصادر التي في هذا النوع السبعة للإمام ابن مجاهد (ت ٣٢٤ هـ) فهذا الكتاب مع شهرته إلا أنه قد انقطع العمل ببعض رواياته وأوجه قراءاته مشافهة( [٧٥])، وأمثاله كثير( [٧٦]).
فما وجد من أوجه القراءات في هذه الكتب وثبت أنه لا يُقْرأ به الآن فإنه يحكم عليه بالشذوذ لفقده شرط اتصال السند مشافهة، وهو قليل، لأن الغالب من تلك المصادر قد تضمنه كتاب النشر في القراءات العشر أو وافقه.


الصفحة التالية
Icon