فلا يقبل من القراءات إلا ما كان منقولا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا النهج جمَع أبو بكر الصديق ( ت ١٣ هـ ) رضي الله عنه القرآن الكريم، إذ كان من شروطه أن لا يثبتوا بين اللوحين إلا ما ثبت سماعه من الرسول ﷺ وتُلقي عنه ( [٤])، ومما يدل على ذلك قول عمر بن الخطاب( ت ٢٣ هـ ) رضي الله عنه :" من كان تلقى من رسول الله شيئا من القرآن فليأتنا به "( [٥])، فالتلقي شرط معتبر في القرآن الكريم وقراءاته.
وقد لزم جميع الصحابة رضوان الله عنهم هذا النهج القويم، حيث كانوا يقرؤون بما تعلموا، ولا ينكر أحد على أحد قراءته، ثم أن انتشروا في البلاد يعلمون الناس القرآن والدين، " فعلّم كل واحد منهم أهل مصره على ما كان يقرأ على عهد النبي ﷺ، فاختلفت قراءة أهل الأمصار على نحو ما اختلفت قراءة الصحابة الذين علموهم "( [٦]).
وبعد سنة واحدة من خلافة عثمان بن عفان ( ت ٣٥ هـ ) رضي الله عنه، أي في حدود سنة خمس وعشرين( [٧])شهد حذيفة بن اليمَان (ت ٣٥ هـ ) رضي الله عنه فتح أَرْمينية وأَذربيجان فوجد الناس مختلفين في القرآن، " ويقول أحدهم للآخر : قراءتي أصح من قراءتك، فأفزعه ذلك( [٨])" فركب حذيفة إلى أمير المؤمنين رضي الله عنهما، فقال :" يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى"( [٩]).
فقام عثمان بن عفان الخليفة الراشد بكتابة المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه العمل في العرضة الأخيرة عن النبي ﷺ بمشورة الصحابة رضي الله عنهم واتفاق منهم، فأخذ المسلمون بها وتركوا ما خالفها( [١٠]).


الصفحة التالية
Icon