الحركية للمنهج الإسلامي، أن يقال : إن هذا الحكم ليس نهائيا وأنه عدل أخيرا بالأحكام النهائية التي نزلت في سورة براءة (التوبة) والتي انتهى بها الناس إلى أن يكونوا مع الإسلام : إما محاربين يحاربون. وإما مسلمين تحكمهم شريعة اللّه. وإما أهل ذمة يؤدون الجزية وهم على عهدهم ما استقاموا.. وهذه هي الأحكام النهائية التي تنتهي إليها حركة الجهاد الإسلامي. وكل ما عداها هو حالات واقعية يسعى الإسلام إلى تغييرها حتى تنتهي إلى هذه الأوضاع الثلاثة التي تمثل العلاقات النهائية، وهي العلاقات التي يمثلها الحديث الذي أخرجه مسلم ورواه الإمام أحمد : قال أحمد : حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن يزيد، عن أبيه، عن يزيد بن الخطيب الأسلمي - رضي اللّه عنه - قال : كان رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى اللّه، وبمن معه من المسلمين خيرا، وقال :«اغزوا باسم اللّه. في سبيل اللّه. قاتلوا من كفر باللّه. إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال، أو خلال، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم. ادعهم إلى الإسلام. فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم اللّه الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية. فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم. فإن أبوا فاستعن باللّه وقاتلهم»..
والمشكل في هذا الحديث هو ذكر الهجرة ودار المهاجرين، مع ذكر الجزية.. والجزية لم تفرض إلا بعد الفتح وبعد الفتح لم تعد هجرة (بالقياس إلى الجماعة المسلمة الأولى التي انتهت إلى دار إسلام وفتح وتمكن) والثابت أن الجزية لم تفرض إلا بعد السنة الثامنة وأنها من ثم لم تؤخذ من المشركين العرب لأنهم أسلموا قبل نزول الجزية. ققبلت بعد ذلك من أمثالهم من المشركين المجوس، وهم مثلهم في الشرك ولو نزلت أحكام الجزية وفي الجزيرة مشركون لقبلت منهم كما يقرر الإمام ابن القيم. وهو فيما ذكر قول أبي حنيفة وأحد