كان أحدهم ليعلن توبته ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة إلا وهو يعني الإسلام كله، ويعني استسلامه له ودخوله فيه. فنصت الآية على التوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، لأنه ما كان ليفعل هذا منهم في ذلك الحين إلا من نوى الإسلام وارتضاه بكامل شروطه وكامل معناه. وفي أولها الدينونة للّه وحده بشهادة أن لا إله إلا اللّه، والاعتراف برسالة محمد - صلى اللّه عليه وسلم - بشهادة أن محمدا رسول اللّه.
فليست هذه الآية بصدد تقرير حكم فقهي، إنما هي بصدد إجراء واقعي له ملابساته.
وأخيرا فإنه مع هذه الحرب المعلنة على المشركين كافة بعد انسلاخ الأشهر الأربعة يظل الإسلام على سماحته وجديته وواقعيته كذلك. فهو لا يعلنها حرب إبادة على كل مشرك كما قلنا. إنما يعلنها حملة هداية كلما أمكن ذلك. فالمشركون الأفراد، الذين لا يجمعهم تجمع جاهلي يتعرض للإسلام ويتصدى يكفل لهم الإسلام - في دار الإسلام - الأمن، ويأمر اللّه - سبحانه - رسوله - صلى اللّه عليه وسلم - أن يجيرهم حتى يسمعوا كلام اللّه ويتم تبليغهم فحوى هذه الدعوة ثم أن يحرسهم حتى يبلغوا مأمنهم.. هذا كله وهم مشركون. (١)
- - - - - - - - - - - - -

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٥٩٨)


الصفحة التالية
Icon