١- إنه الفقه الذي يعيش مع الحدث زماناً ومكاناً وأشخاصاً، ويدقق في البواعث على الإقدام والإحجام لكل حركة، ويحسب ماذا سيترتب على ذلك آنياً ومستقبلاً.
٢- كما يلاحظ في الفقه الحركي أحوال الأمة من ضعف أو قوة، وأحوال الأفراد بين من يقوى على العزائم ومن يهوى الرخص ولا يثبت على العزيمة.
٣- وكذلك تلاحظ في هذا الفقه الأحكام الشرعية الأصلية وأحكام الضرورات والحاجات الخاصة، ومدى انطباقها على الحدث الواقع في كل حين.
٤- كما ينظر الفقه الحركي إلى المصالح والأعراف التي كثيراً ما تختلف من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر، وبالتالي قد يكون الأمر الواحد مصلحة في وقت ومفسدة في وقت آخر، أو مصلحة عند قوم ومضرة عند غيرهم.
٥- والفقه الحركي هو جوهر النظام السياسي الإسلامي الذي تتحكم فيه المصالح غالباً.
٦- وهو كذلك أساس من أسس الدعوة الإسلامية التي يجب أن تتبنى من الأساليب والوسائل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما يتفق مع حال الأمة وحال المدعويين، ولا شك أن واقع الأمة يختلف من بيئة لأخرى ومن وسط لآخر في معظم الأحوال.
٧- ومن هنا نعلم أن أمتنا الإسلامية بحاجة ماسة إلى فقهاء حركيين يفقهون عصرهم، ويعيشون المتغيرات والمستجدات، ويملكون القدرة على الفتوى الواقعية التي تربط الحدث المتغير بالأصول الشرعية الثابتة مع المحافظة على الاعتصام بالحق الذي أنزله الله تعالى في كتابه وبينه رسوله ﷺ في سنته بعيداً عن التأثر بالمصالح الشخصية أو الأهواء التي تجري خلف مصالح الحكام ورغباتهم وشهواتهم الذاتية، وعلى مثل هؤلاء الفقهاء يعول في إعادة مجد هذه الأمة بعد الله عز وجل.
وبعد...
فإن هذا الدين الإسلامي العظيم لا يظهر جماله وجلاله على وجه التمام والكمال إلا إذا حمله رجال صادقون مخلصون واعون، وتخلقوا به في حياتهم الخاصة والعامة، بحيث يراهم الرائي فيشعر من خلالهم بعظمة هذا الدين الذي يوجههم ويرشدهم.