«وَالْغارِمِينَ».. وهم المدينون في غير معصية. يعطون من الزكاة ليوفوا ديونهم، بدلا من إعلان إفلاسهم كما تصنع الحضارة المادية بالمدينين من التجار مهما تكن الأسباب! فالإسلام نظام تكافلي، لا يسقط فيه الشريف، ولا يضيع فيه الأمين، ولا يأكل الناس بعضهم بعضا في صورة قوانين نظامية، كما يقع في شرائع الأرض أو شرائع الغاب! «وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ».. وذلك باب واسع يشمل كل مصلحة للجماعة، تحقق كلمة اللّه.
«وَابْنِ السَّبِيلِ».. وهو المسافر المنقطع عن ماله، ولو كان غنيا في بلده. هذه هي الزكاة التي يتقول عليها المتقولون في هذا الزمان، ويلمزونها بأنها نظام تسول وإحسان.. هذه هي فريضة اجتماعية، تؤدى في صورة عبادة إسلامية. ذلك ليطهر اللّه بها القلوب من الشح وليجعلها وشيجة تراحم وتضامن بين أفراد الأمة المسلمة، تندّي جو الحياة الإنسانية، وتمسح على جراح البشرية وتحقق في الوقت ذاته التأمين الاجتماعي والضمان الاجتماعي في أوسع الحدود. وتبقى لها صفة العبادة التي تربط بين القلب البشري وخالقه، كما تربط بينه وبين الناس :«فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ» الذي يعلم ما يصلح لهذه البشرية، ويدبر أمرها بالحكمة :«وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ». (١)
- - - - - - - - - - - - -

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٦٦٩)


الصفحة التالية
Icon