ظرف؟ لقد كان بعد أن قامت للإسلام دولة تحكم بحكم اللّه دانت لها الجزيرة العربية ودخلت في هذا الدين، ونظمت على أساسه. وقبل ذلك كله كانت هناك العصبة المسلمة التي باعت أنفسها للّه بيعة صدق، فنصرها اللّه يوما بعد يوم، وغزوة بعد غزوة، ومرحلة بعد مرحلة.. وأن الزمان قد استدار اليوم كهيئته يوم بعث اللّه محمدا - ﷺ - ليدعو الناس - في جاهليتهم - إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه. فجاهد والقلة التي معه حتى قامت الدولة المسلمة في المدينة. وأن الأمر بالقتال مر بمراحل وأحكام مترقية حتى انتهى إلى تلك الصورة الأخيرة.. وأن بين الناس اليوم وهذه الصورة أن يبدأوا من شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول.. ثم يصلوا - يوم أن يصلوا - إلى هذه الصورة الأخيرة بإذن اللّه.. ويومئذ لن يكونوا هم هذا الغثاء الذي تتقاسمه المذاهب والمناهج والأهواء والذي تتقاسمه الرايات القومية والجنسية والعنصرية. ولكنهم سيكونون العصبة المسلمة الواحدة التي ترفع راية : لا إله إلا اللّه. ولا ترفع معها راية أخرى ولا شعارا، ولا تتخذ لها مذهبا ولا منهجا من صنع العبيد في الأرض إنما تنطلق باسم اللّه وعلى بركة اللّه..
إن الناس لا يستطيعون أن يفقهوا أحكام هذا الدين، وهم في مثل ما هم فيه من الهزال! إنه لن يفقه أحكام هذا الدين إلا الذين يجاهدون في حركة تستهدف تقرير ألوهية اللّه وحده في الأرض ومكافحة ألوهية الطواغيت!
إن فقه هذا الدين لا يجوز أن يؤخذ عن القاعدين، الذين يتعاملون مع الكتب والأوراق الباردة!
إن فقه هذا الدين فقه حياة وحركة وانطلاق. وحفظ ما في متون الكتب. والتعامل مع النصوص في غير حركة، لا يؤهل لفقه هذا الدين، ولم يكن مؤهلا له في يوم من الأيام! وأخيرا فإن الظروف التي نزل فيها قول اللّه تعالى :«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ»..


الصفحة التالية
Icon