وَحَسْرَتُهَا فَإِنّ فَاعِلَ ذَلِكَ مَعْدُودٌ فِي جُمْلَةِ السّفَهَاءِ فَعَقَدُوا مَعَ الْمُشْتَرِي بَيْعَةَ الرّضْوَانِ رِضًى وَاخْتِيَارًا مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ خِيَارٍ وَقَالُوا : وَاَللّهِ لَا نَقِيلُكَ وَلَا نَسْتَقِيلُكَ (١) فَلَمّا تَمّ الْعَقْدُ وَسَلّمُوا الْمَبِيعَ قِيلَ لَهُمْ قَدْ صَارَتْ أَنْفُسُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ لَنَا وَالْآنَ فَقَدْ رَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ وَأَضْعَافَ أَمْوَالِكُمْ مَعَهَا ﴿ وَلَا تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [ آلُ عِمْرَانَ ٦٩ ] لَمْ نَبْتَعْ مِنْكُمْ نُفُوسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ طَلَبًا لِلرّبْحِ عَلَيْكُمْ بَلْ لِيَظْهَرَ أَثَرُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ فِي قَبُولِ الْمَعِيبِ وَالْإِعْطَاءِ عَلَيْهِ أَجَلّ الْأَثْمَانِ ثُمّ جَمَعْنَا لَكُمْ بَيْنَ الثّمَنِ وَالْمُثَمّنِ.
تَأَمّلْ قِصّةَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ " وَقَدْ اشْتَرَى مِنْهُ - ﷺ - بَعِيرَهُ ثُمّ وَفّاهُ الثّمَنَ وَزَادَهُ وَرَدّ عَلَيْهِ الْبَعِيرَ وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ قُتِلَ مَعَ النّبِيّ - ﷺ - فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ فَذَكّرَهُ بِهَذَا الْفِعْلِ حَالَ أَبِيهِ مَعَ اللّهِ وَأَخْبَرَهُ أَنّ اللّهَ أَحْيَاهُ وَكَلّمَهُ كِفَاحًا (٢) وَقَالَ يَا عَبْدِي تَمَنّ عَلَيّ " (٣) فَسُبْحَانَ مَنِ الْمَبِيعَ عَلَى عَيْبِهِ وَأَعَاضَ عَلَيْهِ أَجَلّ الْأَثْمَانِ وَاشْتَرَى عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِمَالِهِ وَجَمَعَ لَهُ بَيْنَ الثّمَنِ وَالْمُثَمّنِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَدَحَهُ بِهَذَا الْعَقْدِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ الّذِي وَفّقَهُ لَهُ وَشَاءَهُ مِنْهُ.
فَحَيّهَلَا إنْ كُنْتَ ذَا هِمّةٍ فَقَد ْ حَدَا بِكَ حَادِي الشّوْقِ فَاطْوِ الْمَرَاحِلَا
(٢) - عن طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ، قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ : لَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي : يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا، فَقَالَ : أَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ ؟ قُلْتُ : بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ : مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا، فَقَالَ : يَا عَبْدِي، تَمَنَّ أُعْطِكَ، قَالَ : تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ قَتْلَةً ثَانِيَةً، قَالَ اللَّهُ : إِنِّي قَضَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ :﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. صحيح ابن حبان - (١٥ / ٤٩٠) (٧٠٢٢) صحيح
(٣) - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، سَمِعَ جَابِرًا، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : يَا جَابِرُ، عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ، فَقَالَ لَهُ : تَمَنَّ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ : أَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ : إِنِّي قَضَيْتُ أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ "مسند أبي يعلى الموصلي(٢٠٠٢) صحيح لغيره