وَذَكَرَ أَحْمَدُ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - أَنَّهُ قَالَ : مَنْ حَرَسَ مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُتَطَوِّعًا، لاَ يَأْخُذُهُ سُلْطَانٌ، لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنَيْهِ، إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ :﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا﴾." (١)
وعَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا السَّلُولِيُّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ سَهْلُ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ " أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عَشِيَّةً، فَحَضَرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَجَاءَ رَجُلٌ فَارِسٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ آبَائِهِمْ بِظُعُنِهِمْ، وَنَعَمِهِمْ، وَشَائِهِمُ اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -، وَقَالَ :" تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ "، ثُمَّ قَالَ :" مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ ؟ " قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ :" فَارْكَبْ "، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ، وَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" اسْتَقْبِلْ هَذَا الشِّعْبَ حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلَاهُ، وَلَا تَغُرَّنَّ مَنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ "، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - إِلَى مُصَلَّاهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ :" هَلْ أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ ؟ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَسْنَاهُ، فَثَوَّبَ بِالصَّلَاةَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ، قَالَ :" أَبْشِرُوا، فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ "، فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى الشَّجَرَةِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ طَلَعْتُ الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ ؟ " قَالَ : لَا، إِلَّا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" قَدْ أَوْجَبْتَ، فَلَا عَلَيْكَ أَلَّا تَعْمَلَ بَعْدَهَا " (٢)

(١) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (٥ / ٣٧١)(١٥٦١٢) ١٥٦٩٧- حسن
(٢) - دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ (١٨٨٣) حسن
أطنبوا السير : بالغوا فيه وتبع بعض الإبل بعضا -الظعن : جمع ظعينة وهي المرأة، وقيل : المرأة في الهودج - النعم : الإبل والشاء، وقيل الإبل خاصة -التثويب : الدعاء إلى الصلاة، وإقامتها، وقول المؤذن وترديده في الفجر : الصلاة خير من النوم - الشعب : الطريق في الجبل أو الانفراج بين الجبلين


الصفحة التالية
Icon