كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْيُ، قَالَ : فُلاَنٌ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقَالُ لَهُ : فِي مَاذَا قُتِلْتَ ؟ فَيَقُولُ : أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ : كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلاَنٌ جَرِئٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - رُكْبَتِي، فقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ : فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ أَنَّ شُفَيًّا هُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ وَحَدَّثَنِي الْعَلاَءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، أَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ، قَالَ : فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَحَدَّثَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلاَءِ مِثْلُ هَذَا، فَكَيْفَ بِم (١) نْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ؟ " (٢)
وَصَحّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" لَا أَجْرَ لَهُ ". فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ : عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِّمْهُ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، فَقَالَ :" لَا أَجْرَ لَهُ ". فَقَالُوا : لِلرَّجُلِ عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَقَالَ لَهُ : الثَّالِثَةَ. فَقَالَ لَهُ :" لَا أَجْرَ لَهُ "
وَصَحّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (٣)، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ ؟ فَقَالَ :" يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، إِنْ قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، وَإِنْ قَاتَلْتَ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ، أَوْ قُتِلْتَ بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ". (٤)
"ومن هذا التلخيص الجيد لمراحل الجهاد في الإسلام تتجلى سمات أصيلة وعميقة في المنهج الحركي لهذا الدين، جديرة بالوقوف أمامها طويلا. ولكننا في هذه الظلال لا نملك إلا أن نشير إليها إشارات مجملة :
(٢) - صحيح ابن حبان - (٢ / ١٣٥) (٤٠٨) والمستدرك للحاكم(١٥٢٧) صحيح
(٣) - سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ (٢٢٠٠ ) صحيح
(٤) - زاد المعاد - (ج ٣ / ص ٦٢)