لهم : إن هذا الدين محترم، وإن هذا القرآن مصون. وهو يتلى عليكم صباحا ومساء وفي كل حين ويترنم به المترنمون، ويرتله المرتلون..
فماذا تريدون من القرآن بعد هذا الترنم وهذا الترتيل؟! فأما تصوراتكم ومفهوماتكم، وأما أنظمتكم وأوضاعكم، وأما شرائعكم وقوانينكم، وأما قيمكم وموازينكم، فإن هناك قرآنا آخر هو المرجع فيها كلها، فإليه ترجعون! إنها مناورة النضر بن الحارث، ولكن في صورة متطورة معقدة، تناسب تطور الزمان وتعقد الحياة.. ولكنها هي هي في شكل من أشكالها الكثيرة، التي عرفها تاريخ الكيد لهذا الدين، على مدار القرون! ولكن العجيب في شأن هذا القرآن، أنه - على طول الكيد وتعقده وتطوره وترقيه - ما يزال يغلب!.. إن لهذا الكتاب من الخصائص العجيبة، والسلطان القاهر على الفطرة، ما يغلب به كيد الجاهلية في الأرض كلها وكيد الشياطين من اليهود والصليبيين وكيد الأجهزة العالمية التي يقيمها اليهود والصليبيون في كل أرض وفي كل حين!
إن هذا الكتاب ما يزال يلوي أعناق أعدائه في الأرض كلها ليجعلوه مادة إذاعية في جميع محطات العالم الإذاعية بحيث يذيعه - على السواء - اليهود، ويذيعه الصليبيون، ويذيعه عملاؤهم المتسترون تحت أسماء المسلمين! وحقيقة إنهم يذيعونه بعد أن نجحوا في تحويله في نفوس الناس «المسلمين»! - إلى مجرد أنغام وتراتيل أو مجرد تمائم وتعاويذ! وبعد أن أبعدوه - حتى في خاطر الناس.. المسلمين!.. من أن يكون مصدر التوجيه للحياة وأقاموا مصادر غيره للتوجيه في جميع الشؤون..
ولكن هذا الكتاب ما يزال يعمل من وراء هذا الكيد وسيظل يعمل وما تزال في أنحاء في الأرض عصبة مسلمة تتجمع على جدية هذا الكتاب، وتتخذه وحده مصدر التوجيه وهي ترتقب وعد اللّه لها بالنصر والتمكين. من وراء الكيد والسحق والقتل والتشريد.. وما كان مرة لا بد أن سيكون.. (١)
- - - - - - - - - - - - -

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٥٠٢)


الصفحة التالية
Icon