وَإِنَّمَا جعلهَا نقاط اهل بلدنا قَدِيما وحديثا جرة كالجرة الَّتِي هِيَ عَلامَة السّكُون من حَيْثُ اجْتمعت الف الْوَصْل مَعَ السَّاكِن فِي عدم الْحَرَكَة فِي حَال الْوَصْل والنقط كَمَا قدمنَا مَبْنِيّ عَلَيْهِ فَلذَلِك جمعُوا بَينهمَا فِي الْعَلامَة وَلَو جعل علامتها دارة صغرى لَكَانَ حسنا وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت الدارة عِنْد اهل الْمَدِينَة ونقاطهم عَلامَة للسكون وللحرف السَّاقِط من اللَّفْظ وَهَذَا من الاشياء اللطيفة الَّتِي تعزب حقائقها عَن الفهماء فضلا عَن الأغبياء
فَأَما أهل الْمشرق فَإِنَّهُم يخالفون اهل الْمغرب فِي ذَلِك فيجعلون صلَة الف الْوَصْل فِي الْكسر على راس الالف ابدا وَلَا يعتبرون مَا قبلهَا وَلَا مَا بعْدهَا من الحركات مَعَ التَّنْوِين وَغَيره وَلَا يجعلونها جرة بل يجعلونها دَالا مَقْلُوبَة كَالَّتِي يحلق بهَا على الْكَلَام الزَّائِد فِي الْكتب دلَالَة على سُقُوطه وزيادته وَقد يجر ايضا عَلَيْهِ فتقتضي الجرة الَّتِي يستعملها اهل بلدنا الْمَعْنى الَّذِي اقتضته الدَّال المقلوبة من الزِّيَادَة والسقوط
وَمذهب اهل بلدنا اوجه لما فِيهِ مَعَ ذَلِك من الْبَيَان عَن كَيْفيَّة الحركات وَحَال التَّنْوِين قبلهَا فِي حَال الْوَصْل
وَقد جرى اسْتِعْمَال نقاط بلدنا على الدّلَالَة على كَيْفيَّة الِابْتِدَاء بِهَمْزَة الْوَصْل لاضطرار القارىء الى معرفَة ذَلِك اذا هُوَ قطع على الْكَلِمَة الَّتِي قبلهَا فيجعلون فَوق الالف نقطة بالخضراء اَوْ باللازورد فرقا بَين حركتها الَّتِي لَا تُوجد الا فِي حَال الِابْتِدَاء فَقَط وَبَين حركات الهمزات وَسَائِر الْحُرُوف اللائي يثبتن فِي الْحَالين من الْوَصْل والابتداء ويجعلن نقطا بالحمرة وَذَلِكَ اذا ابتدئت بِالْفَتْح فَإِن ابتدئت بِالْكَسْرِ جعلُوا تِلْكَ النقطة تَحت الالف وان ابتدئت بِالضَّمِّ جعلوها امامها