وإذا قلنا مأخوذة من البرى الذي هو التراب، فهي :(( فعيلة )) على بابها منسوبة إلى البرى، فالياء فيها في القول الأول هي مبدلة من الهمزة، وفي القول الثاني هي الياء الأصلية التي في بريت القلم، والياء في القول الثالث – الذي هو البرى الذي هو التراب – هي ياء النسب. والتاء في ((البريئة)) على كل قول : للمبالغة في شدّة الافتقار وإلى تعلّق القدرة بها، كالتاء في قولهم :"رجل علاّمة ونسّابة وروّاية" و"رجل حمولة وملولة وفروقة".
ووجه مناسبة الإنسان إلى البَرء الذي هو الخلق : أن الله – تعالى – خلقه وأنشأه واخترعه من العدم إلى الوجود.
ووجه مناسبته إلى برْي القلم : أن الله – تبارك وتعالى – سوّاه(١)وجعله على صورة لم يكن عليها قبل.
ووجه مناسبته إلى البرى الذي هو التراب : أنه نسبه إلى أصله الذي منه خلق آدم - عليه السلام -.
قوله :(( بخير مرسل إلى البريئة ))، أي ختم الله - عز وجل - الرسالة والنبوءة بأفضل مبعوث إلى الخلق ولا خلاف أن النبي - ﷺ - أفضل الأنبياء – عليهم السلام –.
قال ابن عباس(٢) - رضي الله عنه - :" إن الله تعالى فضّل نبينا محمد - ﷺ - على أهل السماء وعلى الأنبياء صلوات الله عليهم ".

(١) في ز :" خلقه من تراب ".
(٢) وهو ابن العباس، عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هشام، ابن عمّ رسول الله - ﷺ -. بحر التفسير
وحبر الأمة، عرض القرآن كله على أبَيّ بن كعب، قال فيه الرسول - ﷺ - :" اللهم فقهه في الدين وعلمه
التأويل "، ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات، وتوفي بالطائف سنة ٦٨ هـ.
انظر : الإصابة لابن حجر، ٢ : ٣٣٠ – ٣٣٢، رقم ٤٧٨١، معرفة القراء، ص ٢٢ – ٢٥.


الصفحة التالية
Icon