فإن قلت : لماذا قال الناظم :(( صلى عليه الله )) بلفظ الماضي ؟ مع أن المراد صلاة مستقبلة لا صلاة ماضية، لأن الطلب لا يتعلق بالماضي وإنما يتعلق بالمستقبل
قلنا : التعبير بالخبر عن الطلب آكد وأقوى في اقتضاء وقوع المطلوب، حتى كأنه واقع، مثاله قولك :"غفر الله لفلان"، أو "رحم الله فلانا"، أو"رضي الله عن فلان"، فهذا آكد من قولك :"اللهم اغفر له"، "وارحمه"، "وارض عنه"،
فالتعبير بالماضي عن المستقبل في الدعاء أحسن وأولى على التفاؤل.
قوله :(( من رسول ))، في قوله :(( من )) ثلاثة أوجه(١):
أحدها : أن تكون زائدة على قول الأخفش(٢)القائل بزيادتها في الإعراب، تقديره على هذا : صلى عليه الله رسولا، فيكون الرسول حالا من الضمير في (( عليه )).
الثاني : أن تكون للبيان لما في الضمير من الإبهام، تقديره على هذا : صلى عليه الله وهو رسول.
الثالث : أن تكون للتبعيض، تقديره : صلى عليه الله من بين سائر رسله، فخصّه
بالصلاة عليه تشريفا له على غيره، كما في قوله تعالى :﴿ إِنَّ اللَهَ وَمَلَكَتَهُ؟ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيءِ ﴾(٣)الآية.

(١) انظر : كتاب الأزهية في علم الحروف، لعلي بن محمد الهروي، تحقيق عبد المعين الملّوحي،
ص ٢٢٥، ط٢، مطبوعات مجْمع اللغات بدمشق، ١٩٩٣ م.
(٢) هو سعيد بن مسعدة أبو الحسن الأخفش الأوسط. قرأ النحو على سيبويه، وروى عنه أبو حاتم السجستاني.
من مؤلفاته :" معاني القرآن "، " الأوساط في النحو "، " الاشتقاق ". توفي سنة ٢٢١ هـ.
انظر بغية الوعاة، ١ : ٥٩٠، ٥٩١، رقم ١٢٤٤.
(٣) سورة الأحزاب، من الآية ٥٦، وزاد بعدها في ز :" فإذا قلنا من للتبعيض يكون قوله :((رسول)) تمييزا
فيه معنى التعجب، كقولهم : لله دره من فارس ".


الصفحة التالية
Icon