قوله :(( ما انصدع الفجر عن الإظلام )) (( ما )) مصدرية فيها معنى الظرف، أي صلّى عليه الله وعلى آله وأصحابه، مدة انشقاق الفجر عن الظلام، معناه : صلّى الله عليهم ما دامت الدنيا ؛ لأن الفجر لا يزال يطلع حتى تنقضي(١)الدنيا.
واعتُرض قوله :(( ما انصدع الفجر عن الإظلام ))، لأن الظلام هو الذي ينشق عن الفجر فيطلع الفجر، وأما الفجر فلا ينشق عن الظلام بدليل المحسوس، فعكس الناظم هذا المحسوس المشاهد.
أجيب عنه : بأنه جائز، وهو من فصيح الكلام، ويسمى عندهم بالقلب، وقد ورد في القرآن والحديث وكلام العرب.
فمن القرآن، قوله تعالى :﴿ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ﴾(٢)أي بلغت الكبر.
ومن الحديث قوله - عليه السلام - :(( زينوا القرآن بأصواتكم ))(٣)، أي زينوا أصواتكم بالقرآن.
ومن كلام العرب قولهم(٤): "إذا طلعت الشِّعرى استوى العود على الحرباء"، أي استوى الحرباء على العود.
ومنه قولهم :"عرضت الناقة على الحوض"، أي عرضت(٥)الحوض على الناقة
ومنه قولهم(٦): "أدخلت القلنسوة في رأسي"، أي أدخلت رأسي في القلنسوة، وقولهم(٧): "أدخلت الخف في رجلي"، أي أدخلت رجلي في الخف.
ومن هذا المعنى، قول الشاعر(٨):

(١) في جـ، ز :" حتى تنقرض الدنيا ".
(٢) سورة آل عمران، من الآية ٤٠.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه، باب استحباب الترتيل في القراءة، ٢ : ٧٤، حديث ١٤٦٨.
وأخرجه ابن ماجه في سننه، باب في حسن الصوت بالقرآن، ١ : ٤٢٦، حديث ١٣٤٢.
(٤) انظر تفسير الطبري، ١٧ : ٢٧. والجامع لأحكام القرآن، ١ : ١١.
(٥) في جـ :" عرض ".
(٦) انظر الجامع لأحكام القرآن، ١٧ : ١٥٦.
(٧) انظر الجامع لأحكام القرآن، ٩ : ٢٥.
(٨) هذا البيت من الطويل وهو بلا نسبة في : خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب لعبد القادر البغدادي،
تحقيق : عبد السلام هارون، ٤ : ٢٣٥، ط١، مكتبة الخانجي، القاهرة ١٩٨٦، والوساطة للجرجاني،
تحقيق : محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، ص ٤٦٥، المطبعة العصرية، صيدا،
والجامع لأحكام القرآن، ٩ : ٣٨٢.


الصفحة التالية
Icon