وقيل : فصل الخطاب هو الكلام الموصوف بجزالة، وفصاحة، ونهاية، من إحكام، وإتقان، فلذلك وصف به القرآن في قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ؟ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ﴾(١).
القول الثالث : أن فصل الخطاب هو الإصابة والفهم في علم القضاء بين الناس.
القول الرابع : أن فصل الخطاب هو البينة على المدعِي(٢)واليمين على المدعَى عليه.
القول(٣)الخامس : أن فصل الخطاب هو الشاهد واليمين.
هذه خمسة أقوال(٤)في معنى قوله تعالى :﴿ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴾.
فيؤخذ من القول الأول : أن أول من نطق بكلمة (( بعد )) هو نبي الله داود - عليه السلام -.
الثاني : أن أول من نطق بها هو سحبان وايل(٥)الذي تُنسب إليه الفصاحة ويُضرب به المثل في البلاغة(٦)، وهو الذي قال(٧):
لَقَدْ عَلِمَ الْحَيُّ الْيَمَانُونَ أَنَّنِي إِذَا قُلْتُ أَمَّا بَعْدُ أَنِّي خَطِيبُهَا
القول الثالث : أن أول من نطق بها قس بن ساعدة الإيادي(٨)،
(٢) في جـ :" الداعي ".
(٣) في جـ :" والقول ".
(٤) انظر الجامع لأحكام القرآن، ١٥ : ١٦٢ – ١٦٤.
(٥) هو سحبان بن زفر بن إياس بن عبد شمس بن الأجب الباهلى الوائلى، المعروف بسحبان وائل، كان
يضرب بفصاحته المثل، فيقال : أفصح من سحبان وائل.
انظر البداية والنهاية لابن كثير، ٨ : ٧١.
(٦) ١٠) في جـ :" المبالغة ".
(٧) ١١) البيت من الطويل، لسحبان وائل، وهو من شواهد : البغدادي في خزانة الأدب، ١٠ : ٣٦٩،
وابن منظور في اللسان، ١ : ٤٦١، " سحب ".
(٨) هو قس بن ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك، بن إياد، أحد حكماء العرب، ومن كبار خطبائهم، ويقال :
إنه أول من قال في كلامه " أما بعد "، وهو معدود في المعمرين، طالت حياته، وأدركه النبي - ﷺ - قبل
النبوة. توفي سنة ٢٣ ق هـ تقريبا.
انظر : كتاب المعارف، لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، ص ٣٦، ط٢، دار الكتب العلمية، بيروت
لبنان، ٢٠٠٣ م، الأعلام، ٥ : ١٩٦.