وأما العامل فيه(١)، فهو صفة المبتدأ المقدّر، تقديره : أما القول المقول بعد ما تقدّم ذكره، فاعلم أن أصل الرسم، وخبر هذا المبتدأ المقدر هو الجواب، وهو قوله :(( فاعلم أن أصل الرسم ))، لأن الجواب يغني عن الخبر لقيامه مقامه.
وأما لم بني ؟، فقيل :[ لشبهه بالحرف في الافتقار إلى تقدير الإضافة ](٢)، ولقطعه عن الإضافة، وقيل لخروجه عن النظائر، وقيل لتضمّنه معنى الحرف، وهو لام الإضافة(٣).
وأما لم بني على الحركة ؟، فقيل : لالتقاء الساكنين، وقيل : لأن بناءه عارض وليس بلازم، وذلك أن قبل وبعد له أربعة أوجه، يعرب في ثلاثة أوجه، ويبنى في وجه واحد :
أحد الأوجه الثلاثة التي يعرب فيها : أن يصرّح بالمضاف إليه.
الثاني : أن يحذف وينوى لفظا ومعنى.
الثالث : أن يحذف ولا ينوى أصلا لا لفظا ولا معنى.
فهذه الثلاثة الأوجه(٤)يعرب في جميعها قبل وبعد.
الرابع : أن يحذف وينوى لفظا لا معنى(٥).
مثال ما إذا صرح بالمضاف إليه، قولك :"جئت قبلك وبعدك"، و"جئت من قبلك ومن بعدك".
ومثال ما إذا حذف المضاف إليه وينوى في اللفظ والمعنى، قول الشاعر(٦):
(٢) ما بين القوسين المعقوفين سقط من :" جـ "، " ز ".
(٣) زاد في ز :" فقوله تعالى :﴿ لِلَهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن؟ بَعْدُ ﴾، تقديره : لله الأمر من قبل كل شيء ومن بعد
كل شيء، وقيل : إنما بنى لشبهه بالحرف في الافتقار، لافتقاره إلى ما يضاف إليه ".
(٤) في جـ :" فهذه ثلاثة أوجه ".
(٥) في جـ :" لفظا ومعنى "، ولعل الصواب ما أثبت.
(٦) هذا البيت من الطويل، وهو من الشواهد التي استهد بها النحاة، ولم ينسبوها لقائل معين.
انظر : شرح ابن عقيل، ٣ : ٧٢، شرح الأشموني المسمى منهج السالك إلى ألفية ابن مالك، حققه وشرح
شواهده ووثق آراه وعرّف بالنحاة ووضع فهارسه : عبد الحميد السيد عبد الحميد، ٢ : ٥٠٢، المكتبة
الأزهرية للتراث، القاهرة.