وعمر : هو الخليفة بعد أبي بكر، بأمر أبي بكر بالخلافة حين حضرته [الوفاة](١)، فقال الصحابة له حين قدمه : ولّيت علينا رجلا فظّا غليظا شديد الغضب، فقال : إن سألني الله يوم القيامة عن ذلك(٢)، أقول له : ولّيت على خلقك خير خلقك – رضي الله عنهما –، فعمر خليفة الخليفة، وكان الناس يدعونه أولا(٣): خليفة خليفة رسول الله.
فطال عليهم(٤)، فقال له المغيرة(٥): أنت أميرنا، فأمرهم عمر بإثبات هذه الكلمة، وهو أول من سُمّي بأمير المؤمنين، ومدة خلافته عشر سنين وأشهر، ومدة عمره خمسون سنة(٦) - رضي الله عنه -.
قوله :(( جمعه في الصحف الصّدّيق ))، فيه أربعة أسولة(٧):
أحدها : أن يقال لِمَ لَمْ يجمعه النبي - عليه السلام - ؟
جوابه : مخافة أن يرد النسخ في بعض الألفاظ، فيحتاج إلى إسقاط اللفظ المنسوخ ولا يمكن إسقاطه من المصحف، ولا من صدور الحفاظ، لأن الناس يبادرون حفظه إذا كتب في المصحف، لأن النسخ يرد على الألفاظ كما يرد على الأحكام.
الثاني : أن يقال من أي شيء جمعه ؟
فاعلم أنه جمعه من الرقاع والأضلاع، ومن العسب واللخاف، ومن صدور الرجال. ومعنى العسب : جمع عسيب، وهو عسب النخيل، ومعنى اللخاف : جمع لخفة، وهي حجارات بيض رقاق.
فإن قلت : جمعه من الصحف، وجعله في صحف، فما فائدته إذًا ؟ فإنه جعله في مثل ما هو فيه.
(٢) ١١) في جـ :" عن ذلك يوم القيامة ".
(٣) ١٢) في جـ، ز :" وكان الناس أولا يدعونه ".
(٤) زاد في جـ :" الاسم ".
(٥) هو المغيرة بن أبي شهاب عبد الله بن عمرو بن المغيرة، أبو هاشم المخزومي الشامي. قرأ القرآن على
عثمان بن عفان، وعليه قرأ ابن عامر اليحصبي. توفي سنة ٩١ هـ.
انظر غاية النهاية، ٢ : ٣٠٥، رقم ٣٦٣٥.
(٦) في جـ :" خمس وخمسون سنة ".
(٧) يقال : سوال وأسولة بمعنى أسئلة.
انظر لسان العرب، ١١ : ٣٥٠، " سول ".