وقد رُوي أن بني حنيفة حفروا بئرا ماؤها عذب فرات، فجاءوا لمسيلمة(١)وقالوا له يا أبا ثمامة : نريد منك أن تقف لنا على هذا البئر لتبارك لنا فيه، فأتى وبصق فيها فصار ماؤها ملحا أجاجا، وغير ذلك من فضائحه لعنه الله.
وأما حاله مع سجاح التميمية، فبيان ذلك : أن امرأة من بني تميم اسمها سجاح ادّعت أنها نبية، وكانت قبيلتها تزعم أنها أولى بالنبوة من مسيلمة الكذاب ويقولون : الملك في أقربنا من سجاح، وفي هذه المرأة يقول عطارد بن حاجبة(٢)وكان كاتبها :
أَضْحَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نَطُوفُ بِهَا وَأصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ اللهِ ذُكْرَانَا(٣)
وقد جيّشت هذه المرأة جيوشا إلى قتال مسيلمة الكذاب، فلما قدمت عليه قال لها : تعاليْ نتدارس النبوة أيّنا أحق بها. فقالت له سجاح : قد أنصفت، فكانت متفقة معه على الكذب وعلى الافتراء على الله – تعالى –، حتى قُتل مسيلمة الكذاب لعنه الله، فأخذ خالد بن الوليد - رضي الله عنه - هذه المرأة التي هي سجاح، فأسلمت ورجعت عما كانت عليه والتحقت بقومها.
وأما بلد مسيلمة الكذاب – لعنه الله – : فهي مدينة باليمن، اسمها الآن اليمامة، وكان يقال لها حجر اليمامة.
قال ابن السّكّيت(٤):

(١) في ز :" فجاءوا مسيلمة..... ".
(٢) هو عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي. ارتد بعد وفاة النبي - عليه السلام -، وتبع سجاح، ثم عاد إلى
الإسلام. توفي نحو سنة ٢٠ هـ.
انظر : الإصابة، ٢ : ٤٨٣، رقم ٥٥٦٦، الأعلام، ٤ : ٢٣٦، البداية والنهاية، ٥ : ٤١.
(٣) ثم قال بعد هذا البيت : فلعنة الله رب الناس كلهم * على سجاح ومن بالكفر أغوانا.
هذه الأبيات من البسيط، وهي من شواهد الأصفهاني في كتاب الأغاني، ١٠ : ٤٠.
(٤) هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت، إمام في اللغة والأدب، وأخذ عن البصريين والكوفيين،
كالفراء، وأبي عمرو الشيباني، وغيرهم، وكان معلما ببغداد، وعهد إليه المتوكل العباس تأديب أبنائه
له مؤلفات كثيرة، منها :"إصلاح المنطق"، "الأضداد"، وغيرها. توفي سنة ٢٤٤ هـ.
انظر : بغية الوعاة، ٢ : ٣٤٩، رقم ٢١٥٩، الأعلام ٨ : ١٥٩.


الصفحة التالية
Icon