فقال أبو محمد بن قتيبة في كتاب تأويل المكشل(١): يجوز ذلك ولكن هذا على طريق المجاز، والأفضل أن يكتبه على ترتيب المصحف، ودليل ذلك(٢): أنه - عليه السلام - مرّ ببلال(٣)وهو يقرأ آية من سورة كذا وآية من سورة كذا، فسأله - عليه السلام - عن ذلك، فقال : أخلط الطيب بالطيب، فقال له - عليه السلام - :(( اقرأ السورة على هيئتها ))(٤)[ فنهاه - عليه السلام - عن ذلك ](٥).
السؤال الثالث عشر : ما سبب الاختلاف في المصاحف بالحذف والإثبات، والقطع والوصل، وبالزيادة والنقصان، وغير ذلك ؟ وهل لا يُكتب الحرف على وجه واحد في جميع المصاحف ؟، أعني أن تكتب الكلمة في جميع المصاحف بالحذف خاصّة، أو بالإثبات خاصّة، أو بالقطع خاصّة، أو بالوصل خاصّة، أو بالزيادة خاصّة، أو بالنقصان خاصّة، أو بغير ذلك.
فسبب ذلك يختلف باختلاف المسائل والأبواب.
فتارة يكون سببه : الاختصار، أو الإعلام بالوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، لقوله - عليه السلام - :(( نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف، فاقرءوا كيف شئتم ))(٦)، كما يقال كثيرا في حذف الألف.
(٢) في جـ :" والدليل على ذلك "..
(٣) ١٠) هو بلال بن رباح الحبشي، أبو عبد الله، مؤذن رسول الله - ﷺ -، وخازنه على بيت ماله، أحد السابقين
للإسلام، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله - ﷺ -. توفي في دمشق سنة ٢٠ هـ.
انظر الأعلام، ٢ : ٧٣.
(٤) ١١) أخرجه أبو عبيد عن سعيد بن المسيب. قال السيوطي هو مرسل صحيح. انظر الإتقان، ١ : ١٠٩.
(٥) ١٢) ما بين المعقوفين سقط من :" جـ "، وما بين المعقوفين في ز :" فنبهه عليه السلام على الأفضل ".
(٦) سبق تخريجه في ص ١٢٨.