قوله :(( أن تقتفي )) الاقتفاء : هو الاتباع. قال الله تعالى :﴿ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﴾(١)، أي أتبعنا آثارهم برسلنا وأتبعنا الرسل بعيسى ابن مريم، وقيل : الاقتفاء أبلغ وآكد من الاتباع ؛ لأن [معنى](٢)الاتباع : هو الموافقة في الأقوال والأفعال، وقد يقع الإخلال في بعض الأحوال. ومعنى الاقتفاء : ترك الإهمال والإخلال بسر حقائق الأفعال، ومعنى قولهم "اقتفاء الأثر" على هذا : كناية عن المبالغة فيه، وأخذ النفس بمطالعة أسراره وأغواره. ولأجل هذا يقال : القافة لأهل المعرفة بالأسرار الخليقية، وتشبيه الجسوم بالمعاني الخفية.
قوله :(( مرسوم ما أصله في المصحف ))، معناه : يجب علينا أن نتبع المرسوم الذي جعله عثمان أصلا في المصحف.
واعترض قوله :(( مرسوم ما أصّله )) بأنه أضاف فيه الشيء إلى نفسه، [لأن المرسوم هو الشيء الذي أصّله في المصحف](٣)، والشيء الذي أصّله في المصحف هو المرسوم.
أجيب بأن قيل : إضافة الشيء إلى نفسه تجوز إذا اختلف اللفظان، كقوله تعالى :﴿ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾(٤)، وقوله :﴿ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾(٥).
الإعراب :(( فينبغي )) الفاء حرف عطف، (( ينبغي )) فعل مضارع، (( لأجل )) جار ومجرور متعلق بـ (( ينبغي ))، (( ذا)) مضاف إليه، (( أن نقتفي )) ناصب ومنصوب سكّنه لأجل القافية، (( مرسوم )) مفعول، (( ما)) مضاف إليه، (( أصّله )) ماض ومفعول (( في المصحف )) جار ومجرور متعلق بـ (( أصّله )). ثم قال :
[١٣] وَنَقْتَدِي بِفِعْلِهِ وَمَا رَءَا **** فِي جَعْلِهِ لِمَنْ يَخُطُّ ملجأ
(٢) ساقطة من :" جـ ".
(٣) ما بين المعقوفين سقط من :" جـ ".
(٤) سورة الواقعة، من الآية ٩٨.
(٥) سورة التكاثر، من الآية ٥.